القائمة الرئيسية

الصفحات

مجزوءة الوضع البشري: مفهوم الغير

 

مفهوم الغير

الوضعية المشكلة

"الفكر هو الصفة التي تخصني، وهو وحده لا ينفصل عني. أنا كائن وأنا موجود: هذا أمر يقيني، ولكن إلى متى؟ أنا موجود ما دمت أفكر، فقد يحصل أني متى انقطعت عن التفكير تماما انقطعت عن الوجود أيضا". 

ديكارت: التأملات، التأمل الثاني، ترجمة عثمان أمين، مكتبة الأنجلو مصرية، ط2، 1974، ص99.

يؤكد ديكارت على أن وجود الأنا رهين بوجود الفكر، وهذا دليل على أن الأنا يستمد وجوده من وعيه بذاته. إلا أن عملية التفكير تقتضي حضور موضوع ما، إذ يستحيل أن نفكر في فراغ. فالتفكير هو تفكير في شيء ما، قد يكون أنا آخر مغايرا أو مماثلا، فكيف يتحدد وجود الغير بالنسبة لي: هل هو آخر يشبهني أم يختلف عني؟ وهل معرفتي به ممكنة؟ وعلى أي أساس تصبح ممكنة: هل من خلال انطباعاته الداخلية أم من خلال سلوكاته وردود أفعاله الخارجية؟  وعلى ماذا تقوم علاقتي به، أعلى النبذ والإقصاء، أم على التعاطف والاعتراف؟

************************

يمكن الانطلاق من مشاهدة الحلقة 52 من الرسوم المتحركة "ماوكلي فتى الأدغال" 


أسئلة بعد المشاهدة: 
- لماذا قرر ماوكلي مغادرة القرية؟
- لماذا اعتبر الاجتماع الطارئ حدثا مهما؟
- ما الذي استفاده ماوكلي من عالم الحيوانات؟
- ما الذي لم تستطع الحيوانات تقديمه لماوكلي؟
- لماذا اعتبر الجد الحكيم "أكيلا" أن ذهاب ماوكلي إلى قرية البشر أمر حتمي وضروري؟
- لماذا اعتبر "صورا" و"أكرو" أن حياة البشر لا تناسبه، وأن البشر قساة ولا يعرفون الرحمة أبدا؟ هل يعني ذلك أن عيش ماوكلي مع الحيوانات أرحم له من عيشه مع البشر؟
- لماذا كان يذهب ماوكلي إلى قرية البشر من حين لآخر؟ ما الذي كان يبحث عن عندهم؟ أين تكمن حاجة الأنا إلى الغير

تجدون 👈هنا 👉مقترح جذاذة يمكن توظيفها في هذا باستثمار هذه الحلقة 

************************
تقديم عام:
إن الإنسان من حيث هو شخص لا يعيش في عزلة، بل إنه موجود ليعيش مع الأغيار. إن التأمل في مشاعر الإنسان ومواقفه مثل المحبة، الصداقة، الكراهية، التسامح.... يدعونا إلى الانتباه إلى أهمية حضور الغير وإلى أن الوجود الإنساني لا يكتمل إلا باعتباره وجوداً علائقيا يفترض وجود ذوات إنسانية تتفاعل وتتواصل فيما بينها.
مفهوم الغير على مستوى الدلالة اللغوية:
يشير لفظ الغير إلى الأخر، إلا أن الآخر مفهوم عام يشمل الكائنات العاقلة والكائنات غير العاقلة أو الموضوعات. أما الغير كمفهوم خاص بالذات الإنسانية، وهو اسم مفرد لجمع أغيار ويعني الآخر من الناس. أما على مستوى الدلالة اللاتينية فلفظ L’autrui  في اللسان الفرنسي يرجع في أصله اللاتيني إلى كلمة alter ego أي أنا ٱخر ويعني كما جاء في معجم روبير ” الغير هم الآخرون من الناس بوجه عام “.
أما من حيث الدلالة الفلسفية فيشير الغير كما جاء في معجم أندري لالاند A. Lalande “الغير هو أنا آخر، منظورا إليه ليس بوصفه موضوعا، بل بوصفه أنا آخر” أي ذات بشرية.
ثم جاء على لسان رائد الفلسفة الوجودية في فرنسا جون بول سارتر (1905-1980) " الغير هو الآخر، الأنا الذي ليس أنا"
من خلال هذا التعريف نستفيد أن مفهوم الغير يشير إلى الأنا الآخر الأنا الذي ليس أنا، إنه مطابق للذات ومختلف عنها. على ضوء هذه المفارقات يمكن أن نتساءل: 
كيف يتحدد وجود الغير؟ وما طبيعة هذا الوجود؟ هل يمثل وجود الغير تهديدا أم شرطا ضروريا لوجود الأنا؟
إذا كانت معرفة الذات تتشكل من خلال وعيها بذاتها، فكيف يمكن معرفة ذات أخرى؟ هل معرفة الغير ممكنة أم مستحيلة؟
ما طبيعة العلاقة التي تربط الأنا بالغير؟ هل هي علاقة صداقة وتكامل أم علاقة غرابة وتنافر وصراع؟

**************************************
                                                                           المحور الأول: وجود الغير 
الإشكالية الفلسفية لوجود الغير: 
-ما طبيعة وجود الغير؟ هل الغير ذات أم موضوع؟  بعبارة أخرىكيف يتحدد وجود الغير بالنسبة للأنا؟ هل باعتباره ذاتا أم موضوعا؟ 
-هل وجود الغير ضروري لوعي الأنا بذاتها، أم أن الأنا تعي ذاتها في استقلال وعزلة عن الغير؟  بعبارة أخرى: هل الأنا تعي ذاتها عبر وساطة الغير أم في استقلال عن وجوده؟ 
-هل وجود الغير يهدد وجود الأنا في وعيها وحريتها؟

********************

موقف: "موريس ميرلوبونتي" النص  ص.28 


أفكار النص الأساسية: 
-في البداية يثبت صاحب النص الصعوبة التي شكلتها مسألة وجود الغير. 
-ثانيا، يستشهد صاحب النص بكلام "لاشوليي" حول إمكانية تحليل أحداث العالم بما فيها وجود الإنسان الموضوعي. 
-يشير الفيلسوف إلى أن التوجه إلى الفرد بالدراسة والتحليل سيواجه وعيا خالصا ونسقا فكريا. وليس مواجهة المواضيع المادية كالتي ذكرها "لاشوليي". 
-يشير الفيلسوف إلى أن الغير كجسد مثل جسد أنايا إنما هو أيضا موضوع يقابله وعي يفكر فيه. 
-أجساد الناس ليست سوى آلات متحركة بواسطة نوابض، وبالتالي فدراستها وتحليلها لا يطرح صعوبة أو غموضا. 
لكن الوعي الذي تخفيه هذه الأجساد هو الذي يتخذ الصفات الأكثر غموضا. 
وبالتالي: فإن وعيي لن يجد وعيا يكشف عن سرائره الخاصة المجهولة من طرفي. هذا يعني أن وعي الغير يبقى مجهولا بالنسبة لي كأنا مفكرة واعية. 
-يخلص صاحب النص إلى أن الوجود البشري وجودان اثنان: الأول هو وجود في ذاته أي الجسد، كالأشياء الأخرى الموجودة. والثاني هو وجود لذاته ونعني به الوعي، وهو خاص بالإنسان. 
-يثبت صاحب النص أن الغير في نظرتي إليه: سيكون أمامي باعتباره وجود مزدوج، وجود في ذاته ووجود لذاته. 
يؤكد صاحب النص على الصعوبة التي يطرحها علي وجود الغير: يتطلب مني معرفته كموضوع كباقي الأشياء وأيضا معرفته كوعي، أي بدون أجزاء. 
إشكال النص : 
كيف يتحدد الغير، هل بالنطر إليه كشيء مثل باقي الأشياء، أم كذات واعية كأنا آخر؟ 
أطروحة النص: 
ينظر الفيلسوف الفرنسي” ميرلوبونتي” إلى وجود الغير كوجود مزدوج، فهو وجود في ذاته (جسد مظهر) ووجود لذاته (ذات واعية)، ذلك أن الغير يتبدى للأنا كمعطى امبريقي (وصفي) أي كشيء من الأشياء، بحيث ان أول ما يدرك في الغير هو صورة جسده ومظهره أو شكله الخارجي، ومن ثم فهو مجرد موضوع من مواضيع الطبيعة، لكن الغير ليس فقط موضوعا لإدراكي بل هو ذات واعية مقابلة لذاتي، وعليه فالغير من حيث هو وجود امبريقي يكون موجودا في ذاته (جسد) ومن حيث هو ذات واعية يكون موجودا لذاته.
البنية المفاهيمية: (تمرين: استخراج المعنى الفلسفي للمفاهيم من النص ومن خارجه إذا لزم الأمر)
الآخر: ............................................................................................................................................................................................
 الغير:............................................................................................................................................................................................
 الوعي:...........................................................................................................................................................................................
 أمبريقية:.......................................................................................................................................................................................

البنية الحجاجية: 
الإثبات: الوعي هو أكثر الصفات الخفية غموضا. 
النفي: ينفي القدرة على إدراك وعي الآخر 
التشبيه: تشبيه الأجساد بآلات متحركة... 
التمييز: بين وجودين لا ثالث لهما. 

****************************************

موقف جون بو ل"سارتر"  النص ص 29 . 
 

أفكار النص: 
الفقرة الأولى: 
-الخجل ضرب من الشعور خاص بالذات. 
-الخجل إدراك لوجود الأنا 
-الخجل مظهر من مظاهر وجود الأنا 
-الخجل مرتبط بوجود شخص ما. 
-تفيد هذه الأفكار معنى يشير إلى أن وجود الغير يسبب لي شعورا بالخجل، حيث أدرك أن أناي تخجل. 
وبمعنى آخر وجود الغير سبب في إدراك وجود الأنا. 
الفقرة الثانية: 
-بوجود الغير صار ممكنا أن أصدر حكما على نفسي كما أصدره على موضوع ما. 
-يمكنني أن أحس بالضيق والغضب إزاء الصورة التي يحملها الغير عني. 
-تشير هاتان الفكرتان إلى أن وجود الغير يسبب لي خجلا من ذاتي وبالتالي فحريتي لم تعد كاملة كما كانت 
الفقرة الثالثة: 
-لولا الغير لما كان هناك خجل من الذات. 
-هناك بنيتان غير منفصلتين كما سبق وهما: 
-أنا في حاجة إلى الغير لأدرك وجود ذاتي 
-وجود الغير يحد من حريتي. 
إشكال النص: 
هل الغير موجود؟ وما علاقة وجوده بوجود الأنا؟ 
أطروحة النص: 
يرى" سارتر" بأن الغير موجود بشكل يؤثر في وجود الأنا، فمن جهة يوجد وجودا إيجابيا يمكنني من إثباتي لوجود ذاتي، ومن جهة ثانية، ووجودا سلبيا يحد من حرية هذه الذات، نظرا لأن الأنا تراعي وجود الغير في حركاتها وتأملها، ويقدم مثلا لذلك وهو الخجل الذي تشعر به الأنا في وجود الآخر. 
يؤكد سارتر على ضرورة وجود الغير بالنسبة لوجود الذات أو الأنا، وفي هذا الصدد يقول سارتر “الغير هو الوسيط الذي لا غنى عنه بيني وبين نفسي” أي أن وجود الغير ضروري لوعي الذات بذاتها وإدراكها لحالاتها الشعورية وتشكيل هويتها، فوجوده إيجابي وسلبي في نفس الوقت، فالغير الذي هو وسيط لا غنى عنه بيني وبين نفسي باعتباره من يمكنني من الوعي بذاتي، هو الغير نفسه الذي يحول بيني وبين نفسي ويهددني في وجودي.
فالغير ليس مجرد موضوع أو شيء بل هو ذات وأنا آخر شبيه ومخالف لأناي. ومن ثمة فالعلاقة بيننا تقوم على السلب، وبذلك فالغير هو مصدر تهديد لحريتي ويبلغ هذا التهديد حد التشييء والاستلاب. فكل من الأنا والغير ينظر إلى الآخر كموضوع ويشيئه ويفرغه من مقومات الوعي والحرية والإرادة، هذا ما يعنيه سارتر بعبارة “الجحيم هم الآخرون les autres c’est l’enfer “

البنية المفاهيمية: (تمرين: البحث عن مدلول المفاهيم من النص ومن خارجه إذا لزم الأمر)
الغير: ............................................................................................................................................................................................ الخجل:......................................................................................................................................................................................... الشعور:........................................................................................................................................................................................ الإدراك:......................................................................................................................................................................................... شخص:...........................................................................................................................................................................................التأمل:............................................................................................................................................................................................. 
الحجاج:  (تمرين: إبراز وظيفة الحجاج الموظف في النص)
المثال: لننظر مثلا إلى الخجل... / وظيفته: ..................................................................................................................................
التأكيد: إنه شعور غير مباشر بالذات كخجل...من المؤكد أن خجلي... / وظيفته: ........................................................................................................................................................................................................
النفي: ليس...لا...بل.../ وظيفته: ................................................................................................................................................... 
الوصف: ها أنذا أرفع رأسي فجأة، وكأن أحدا هناك رآني... /وظيفته: ................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................
________________________________________
تعاريف
*الآخر: هو كل مايخالف الشيء ويتمايز عنه، جزئيا أو كليا، مكانيا أو زمانيا. Autre 
*الغير: هو الأنا الذي ليس أنا إنه الشبيه والمختلف في نفس الوقت، جمعه أغيار. Autrui 
*الأمبرقية أو الاختبارية: مذهب فلسفي يرى أن كل معرفة ومهما بلغت من التجريد، تصدر عن التجربة الحسية وحدها. وبتعبير آخر هي النزعة التي تجعل من التجربة الحسية منبع كل المعارف.

*********************************************************

موقف إدموند هوسرل ( النص ص 30 كتاب منار الفلسفة) 




    1  - تــأطـيـر الــنـص:
نص فلسفي معاصر مقتبس من كتاب " تأملات ديكارتية " يروم فيه الفيلسوف إلى إعادة تأسيس الكوجيتو الديكارتي و إخراجه من عزلته  وفتحه على العالم وفق مفاهيم الفينومبنولوجيا كمفهوم القصدية الذي هو وعي بشيء ما كأن تعي بأنك ذات بعينها. 
   2- صــاحــب الــنــص: 
إدموند هوسرل ( 1859- 1938) فيلسوف ألماني ولد بمقاطعة مورافيا، و قد تتلمذ في شبابه على برنتانو بمدينة قينا، و كان برنتانو خصما لذودا لكل نزعة مثالية. فتشبع هوسرل بالروح الواقعية، وقد اتجه اهتمامه نحو الدراسات الرياضية، وكانت رسالته في الدكتوراه عن "نظريات حساب المتغيرات" سنة 1883.ثم اشتغل بالتدريس كأستاذ للفلسفة بجامعة هال، وانتقل بعد ذلك إلى جامعة جوتنجن سنة 1906 حيث شغل كرسي الفلسفة بها لمدة عشر سنوات ليتوجه بعد ذلك إلى جامعة فريبورج إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1928. و كان هوسرل باحثا حرا آمن بالاستقلال الفكري و ضرورة احترام الآخر، فلم يشأ أن ينضوي تحت لواء النازية.بل ظل محتفظا بحريته الفكرية، حتى بعد سيطرة الفاشية النازية على الفكر الألماني.
هذا وقد ترك لنا هوسرل إنتاجا فلسفيا ضخما لعل أهمه: " فلسفة الحساب" سنة 1891، " مباحث منطقية " ظهر الجزء الأول منه سنة 1900، والجزء الثاني سنة 1901.ثم مقالته المشهورة " الفلسفة بوصفها علما دقيقا " سنة 1910. ثم كتابه الضخم   " أفكار:مدخل إلى علم ظواهر خالص "،ثم مقالته المشهورة عن" الفينومينولوجيا "   سنة 1927، ثم كتاب " ظواهر الوعي الباطن بالزمان " سنة 1928، ثم كتاب " المنطق الصوري و المنطق الرنسندنتالي " سنة 1929.ثم كتاب " التأملات الديكارتية " سنة 1931، و مقاله عن" أزمة العلوم الأوربية " سنة 1936. وأخيرا كتابه " التجربة والحكم "سنة 1939 والذي ظهر بعد وفاته بسنة. 
          3- إشكال النص:
كيف يمكن القول أن وجود الغير يتوفر على تجربته و تجربة العالم و تجربة الآخرين؟
         4- مفاهيم النص: 
-أنا Moi  : حقيقة الانسان الثابثة و الحاملة لكل الحالات النفسية و الفكرية، كما يدل اللفظ على الجانب الواعي في شخصية الانسان.
-إدراك Perception  : يدل اللفظ على معنيين : 
- إدراك حسي: المعرفة المباشرة للأشياء بواسطة الحواس 
- الوظيفة التي تسمح للفكر بتصور الأشياء وتمثلها 
القصدية Intentionnalité  : هو الوعي بشيء ما، أي أن تعي بأنك ذات بعينها. فمن شأن كل وعي ان يتجه نحو الموضوع، ا وان يستهدف شيئا. فالدراك الحسي هو إدراك لموضوع مدرك، والرغبة هي رغبة في شيء يكون موضوعا لها، والحكم هو حكم علة حالة قائمة من حالة الأشياء.
            5- أطروحة النص:
وجود الغير في علاقته بالأنا وجود مزدوج، فهو يوجد في العالم كموضوع وكذات تدرك العالم من خلال تجربته و تجربة الآخرين.
           6- أفكار النص: 
- إدراك الآخر هو إدراك الذات في تجربتها مع العالم والآخرين واتباط الآخرين بأجسامهم
- اختلاف بين تجربتي العالم والآخرين لاستقلال كل واحد منهما بظواهر الخاصة التي تميزه
- خصوصية فعل الوجود وأصالته وارتباطه بالواقع الموضوعي للذات
          7- حجاج النص:
- العرض: " أدرك الآخرين في سلسلة تجارب معينة..."
- التفسير: " فارتباط الآخرين بأجسامهم، باعتبارهم موضوعات..."
- الإثبات: " إن عالم التجربة موجود في ذاته خلافا لكل الذوات..."
- التساؤل: " فكيف السبيل لفهم هذا؟ " 
         8- خلاصة تركيبية:
إن عملية الادراك التي تتجه نحو الموضوع لادراك الآخر هي تجربة تختلف باختلاف تجارب الفرد واستقلال كل واحد منهما بظواهره الخاصة التي تميزه. وهذه الاستقلالية تضفي خصوصية خاصة لفعل الوجود بما يكتنزه من أصالة وتفرد.
         9- قــيـمـة الــنــص
إن قيمة النص الهوسرلي " تأملات ديكارتية " هو تطبيقه للمنهج الفينومولوجي على الوعي او الشعور نفسه فلم يلبث الفيلسوف أن اصطنع ضربا من الشك الديكارتي راميا من وراء ذلك العودة إلى الذاتية وتعقل الموضوع المفكر فيه بمعنى أنني أفكر في موضوع في موضوع متعقل، أي أنه ينصب على موضوع متعقل يكون مثله كمثل واقعة الفكر نفسها.
******************************************
المحور الثاني: معرفة الغير
إشكال المحور:
    إذا كان الإنسان يتميز عن غيره من مخلوقات الأرض بعدة خصائص، فالوعي يعتبر أهمها، فانطلاقا من الوعي يتمكن الإنسان من التعرف على ذاته، يتمكن من معرفة أفكاره وعواطفه وانفعالاته…بل يتمكن كذلك من التعرف على محيطه، ذلك أنه يستطيع أن يدرك الأشياء المحيطة به وكذلك الأماكن وما إلى غير ذلك من الظواهر… هكذا نقول بأن للإنسان القدرة على إنتاج المعرفة حول نفسه وحول محيطه. لكن محيطه هذا لا يتشكل فقط من الأشياء والظواهر وإنما يتشكل كذلك من آخرين، أي ذوات أخرى تشبهه وتختلف عنه في نفس الوقت، وتشكل معه مجال العيش المشترك. وعبر تاريخ الإنسان الطويل فإن التصورات التي كونها عن الآخرين انقسمت إلى تصورات علمية طبيعية تحدد الإنسان ككائن غريزي، وتصورات ترتبط بالعلوم الإنسانية تحدد الإنسان باعتباره ظاهرة نفسية، والغاية من ذلك، السعي لمعرفة هذه الذوات، لكن:
– هل يمكن للشخص أن يعرف الآخرين؟
– هل يمكن لمعرفته بذاته أن تساعده على معرفة غيره أم أن الأمر سيكون مستحيلا نظرا لاختلاف هذه الذوات عن الشخص؟
تعريف مفهوم الغير ومفهوم المعرفة
لابد قبل الإجابة على التساؤلات والإشكالات التي يطرحها مفهوم الغير، وقبل الإجابة عن التساؤلات المرتبطة بإشكال معرفة الغير أن نعرف مفهوم الغير ومفهوم المعرفة.
مفهوم الغير:
يدل الغير على ذلك الأنا الذي ليس أنا ولست إياه على حد تعبير الفيلسوف الفرنسي سارتر. وبالتالي فالغير هو ذات إنسانية أخرى تتميز بالفكر والحرية الإرادة… ويختلف مفهوم الغير AUTRUI عن مفهوم الآخر AUTRE فهذا الأخير يطلق على الإنسان والأشياء أيضا، فنقول ثوب آهر، رجل آخر.
مفهوم المعرفة
تعني المعرفة الإدراك ، وتعني ذلك النشاط العقلي الذي تتمثل من خلاله الذات العارفة موضوعا. وتتعدد أشكال المعرفة فمنها المعرفة الفلسفة ومنها المعرفة العلمية…
2 – مطلب التحليل – (موقف مالبرانش):
عرض الأطروحة:
    يرى مالبرانش أن معرفة الغير غير ممكنة،  فالأنا تعرف الغير معرفة افتراضية فقط، أي معرفة تخمينية وتقريبية قائمة على إطلاق الأحكام والفرضيات، والتي تكون في الغالب معرفة خاطئة، لأن أساس هذه المعرفة الافتراضية حسب مالبرانش أننا نحكم على الغير انطلاقا مما نعرفه عن أنفسنا، وانطلاقا من إحساساتنا التي نعتقد أنها إحساسات متشابهة إلا أنها في الأصل ليست كذلك، فالشخص حسب مالبرانش لن يتمكن من معرفة الغير لا انطلاقا من الذات ولا انطلاقا من الإحساس ولا انطلاقا من الوعي.
تفكيك الأطروحة:
    لا يمكن فهم تصور مالبرانش حول إشكالية معرفة الغير بدون استحضار الخلفية الفكرية التي حكمت فلسفته، بحيث ينتمي مالبرانش إلى فلاسفة القرن السابع عشر، هذا الأخير الذي عرف ظهور اتجاهين فلسفيين مهمين، الأول اتجاه الفلسفة التجريبية والثاني اتجاه الفلسفة العقلانية، وإلى هذا الاتجاه الثاني ينتمي مالبرانش، بحيث يرى رواد هذا الاتجاه أن المعرفة اليقينية تبنى بالاعتماد على العقل، في حين تعتبر الحواس مصدرا غير ملائم لبناء المعرفة، لأن الحواس تخضع، بل أكثر من ذلك المعارف التي تبنى بواسطتها تكون معارف مشوهة وتحتمل الخطأ أكثر من الصدق. وعندما يتعلق الأمر بمعرفة الغير أو الآخر الشبيه والمختلف في نفس الوقت، فإن المعارف التي نكونها حوله تبنى بالاعتماد على الحواس، بحيث نلاحظ تصرفات الغير، سلوكه، انفعالاته… ونحكم عليه انطلاقا من ملاحظاتنا تلك وندعي بأننا نعرفه، لكن في الأصل تكون معارفنا معرضة للخطأ، كوننا نكوِّن هذه المعرفة بالاعتماد على الحواس .
3 – مطلب المناقشة:
–  مناقشة داخلية:
    بالنظر إلى الطريقة التي عرض بها مالبرانش تصوره هذا، يتبين بأن موقفه متماسك لا على المستوى النظري ولا على مستوى الواقع، فلو تأملنا واقع الإنسان سواء الماضي منه أو المعاصر، يتبين بالملموس أن المعرفة اليقينية بالغير لم تتم بعد، وذلك لسبب رئيسي، يكفي فقط أن نتأمل حجم الشر الموجود في العالم، فكل هذا القتل والعنف والدمار والكذب والخداع الموجود في العالم، يعبر عن فشل العلوم عامة والعلوم الإنسانية والاجتماعية خاصة في تكوين معرفة حقيقية عن الغير، لأنها لو تمكنت فعلا من ذلك، أي لو فعلا استطاعت سبر أغوار الذات المغايرة وبالتالي تكوين معرفة دقيقة حولها، لتمكن النوع البشري من تجاوز هذه السلوكات البربرية.
– مناقشة خارجية (موقف إدموند هوسرل)
يسير ميرلوبونتي  في نفس الطرح حيث يؤكد على " استحالة معرف الغير لأننا نعرف فقط سلوك الغير وكلامه وهذين المكونين ليس هما الغير " (18) . في حين يرى جون بول سارتر  J.P.Sartre أنه بإمكاننا معرفة الغير على نحو أمبريقي ( اختباري ) جسمي ، لكن هذه المعرفة ليست كافية لمعرفته معرفة حقيقية إذ من خلال الصورة التي أكونها من حقل تجربتي يبقى الغير صورة ذهنية فقط (16). 
4 – تركيب: 
    خلاصة القول أن إشكال معرفة الغير أفرز وجهات نظر متعددة، فمالبرانش اعتبر أن معرفة الغير غير ممكنة لأنها معرفة افتراضية قائمة على إصدار الأحكام انطلاقا من ذواتنا وإحساساتنا التي نعتقد أنها إحساسات متشابهة، يتفق معه في ذلك ميرلوبونتي الذي يرى استحالة معرفة الغير، ذلك أن معرفتنا به هي معرفة سطحية لأننا نعرف فقط سلوكه وكلامه وهذا لا يمثل بالفعل الغير. ويختلف معهما جزئيا جون بول سارتر الذي يعتقد بإمكانية معرفة الغير، لكن هذه المعرفة تتأرجح بين معرفته كموضوع على نحو أمبريقي، غير أن هذه المعرفة تظل غير كافية ولا تشكل لنا صورة حقيقية عن هذا الغير، وبين معرفته كصورة ذهنية.

*************************
المحور الثالث: العلاقة مع الغير
إشكال المحور:
ما هي طبيعة العلاقة التي ينبغي أن تقوم بين الأنا والغير؟ هل هي علاقة محبة وتواصل أم علاقة صراع وعداء؟
******************************
موقف مارتن هايدغر  النص ص 36 



صاحب النص: 
مارتن هيدجر : ( 1889/1976) فيلسوف ألماني كان في بدايته يعد نفسه لحياة الرهبنة لكنه عدل عن ذلك وكرس نفسه لدراسته الرياضيات والعلوم الطبيعية والفلسفة .التحق بجامعة فريبورغ وعمل بها أستاذا مساعدا لهوسرل ثم خلفا له.


 تركزت فلسفة هيدجر حول إعادة طرح السؤال الفلسفي المتعلق بالوجود أو الكينونة . ذلك لأن هذا السؤال في، رأي هيدجر، قد نسيته الفلسفة الغربية ابتداء من أفلاطون، ومن هنا حدد هيدجر لنفسه مهمة تفكيك هذه الفلسفة وإعادة بنائها على أساس سؤال الكينونة . وقد ميز هيدجر منذ كتابة " الوجود والزمان "بين مفهومين رئيسيين هما : مفهوم الكائن والموجود ، وبين الكينونة أو الوجود وركز على العلاقة بين الكائن الإنسان ( الموجود – في- العالم ) وبين الكينونة  باعتبار الإنسان هو « راعي الكينونة » لأنه هو الكائن الوحيد الذي يملك اللغة ، ومن ثم ، هو الوحيد الذي يستطيع القول  بالكينونة، أي أن يعبر عنها ويكشف عن حضورها من خلال الكلام ، وخاصة الكلام الشعري أو الفلسفي . ومن هنا ينبع لدى الإنسان ميتافيزيقي يضفي على وجوده بعدا زمنيا تاريخيا بدفعه إلى اعتبار الحقيقة سيرا لا نهاية له .
من مؤلفاته:  مبدأ السبب الكافي. - ما الذي ندعوه تفكيرا.
أفكار النص: 
- إن العالم الذي أوجد فيه هو دائما العالم الذي أتقاسمه مع الآخرين.
- يلتقي الآخرون انطلاقا من العالم الذي سيبقى وفقه الوجود – هنا وجودا متبصرا ومنشغلا بشكل أساسي .
إشكال النص: 
هل تقوم العلاقة مع الغير على الاشتراك بين الذوات أم على التنافر والعداء ؟
أطروحة النص: 
ينظر هيدجر إلى علاقة الأنا بالغير باعتبارها علاقة اشتراك بين الذوات : على اعتبار أن العالم الذي يوجد فيه الإنسان هو العالم الذي يتقاسمه مع الآخرين ، وهذا الإشراك يدل على وضعية الإنسان في العالم من خلال تجربته في الحياة ، ومن البشرية الأخرى .
البنية المفاهيمية: 
الوجود ¬ هنا (Dasein): كلمة ألمانية معناها الوجود الإنساني أو كيفية وجوده. ولما كان العالم في تبدل مستمر كانت هذه الكينونة الإنسانية غير مستقلة على حال، فماهية الإنسان إذن وجوده، وحقيقته نزوعه إلى ما يريد أن يكون، فهو إذن يحدد ذاته بذاته، وينسج جميع إمكاناته بيده ويجاوز بفعله حدود الواقع، وينفتح على العالم. 
البنية الحجاجية: 
يقدم هيدجر أطروحته معتمدا أسلوب المقارنة كتقنية حجاجية : 
" عالم الوجود – هنا هو عالم مشترك. و الوجود من أجله هو وجود مع الغير ."
خلاصة:
تقوم العلاقة مع الغير على أساس الاشتراك بين الذوات، و لذلك فهي علاقة تكامل و ليست علاقة تنافر و صراع.
- قيمة النص :
تبرز قيمة هذا النص في إعادة هيدجر طرح السؤال الفلسفي المتعلق بالوجود، ذلك لأن السؤال في نظره قد تنسيقه الفلسفة الغربية ابتداء من أفلاطون. و عليه أوكل هيدجر لنفسه مهمة تفكيك هذه الفلسفة و إعادة بنائها على أساس سؤال الكينونة.
******************************
موقف جوليا كريستيفا:  النص ص 37

صاحبة النص
ولدت جوليا كرستيفا ببلغاريا في عام 1941، وغادرت لتستقر في باريس/ فرنسا في عام 1966، في فرنسا عملت ككاتبة، وكمدرسة بالجامعة، ومن بعد كمحللة نفسية. كرستيفا معروفة كثيراً بمساهمتها من أجل الاختلاف الجنسي. فقد طوّرت في كتاباتها سلاسل قوية، ومضادة للأرثوذكسية عن طريق المزج بين الماركسية، والفينومينولوجيا "الظاهراتية" والتحليل النفسي، ونظرية الأدب. تتمثل فكرتها الأساسية في أن عالم الطفل الصغير وأمه- أي ما ستدعوه بالسيميائية- يُكْبَحُ ويُكتَمُ بالعقلانية اليومية، وباللغة، الشيء الذي يفرض عليه شبكة من الهويات، والاختلافات، هدف عمل كرستيفا يرمي لتسكيننا من الاستجابة لهذه الموضوعات السينمائية المقموعة. 
من مؤلفاتها: اللغة،ذلك المجهول:مدخل إلى اللسانيات، الأمراض الجديدة للنفس، معنى و لا معنى الثرة.
أفكار النص
- إن تعرف الذات على الغريب فيها يوفر عليها أن تبغضه في ذاته 
- إن لفكرة الغريب اليوم دلالة حقوقية، فهي تدل على من لا يتمتع بمواطنة البلد الذي يقطنه.
إشكال النص: 
ما هو الموقف الذي يجب اتخاذه من الغير البعيد: هل هو النبذ والإقصاء أم التعايش والاعتراف؟
أطروحة النص: 
ترى كرستيفا أن وحدة الجماعة ليست في الحقيقة سوى مظهر عام، عندما ندقق فيها ينكشف لنا أن الجماعة بحكم اختلافاتها وتناقضاتها الداخلية تحمل غريبا في ذاتها، فليس المختلف عن الجماعة هو ذلك الدخيل أو العدو الذي يتعين القضاء عليه لإعادة السلم إلى الجماعة. بل " إن الغريب يسكننا على نحو غريب ".
البنية المفاهيمية: 
الغريب : هوا المجهول ، وغير المألوف ، والغامض ، والمخيف ، والمهمش ... ويتحدد الغريب في إطار العلاقات البشرية الملموسة بكونه كل من يتطفل على جماعة بشرية منظمة ومتماسكة أو يرفضها، محدثا في الحالتين خلالا وعدم توازن في الجماعة.
البنية الحجاجية: 
تعتمد كرستيفا مجموعة من التقنيات الحجاجية لتدعيم أطروحتها، منها :
حجة النقد: "ليس الغريب – الذي هو اسم مستعار للحقد وللآخر – هو ذلك الدخيل"...
-حجة الإثبات: " إن الغريب يسكننا على نحو غريب".
 -حجة السلطة: "إن لفكرة الغريب اليوم، دلالة حقوقية، فهي تدل على من لا يتمتع بمواطنة البلد الذي ينتمي إليه"
خلاصة: 
إن الموقف الذي ينبغي اتخاذه من الغريب، هو الاعتراف به و التعايش معه، بدل النظر إليه بأنه ذلك الدخيل الذي يهدد وحدة الجماعة و تماسكها، والذي يتعين تدميره و إقصاؤه.فالجماعة في ذاتها-حسب كرستيفا- تحمل غريبا.
قيمة النص: 
للنص قيمة أخلاقية تتجسد في الدعوة إلى الاعتراف بالآخر المخالف للجماعة، والتجاوب معه واحترامه، بدل نبذه وتدميره. لأن الغريب مضمر في الجماعة ذاتها و ليس فقط يوجد خارجها.
*****************
موقف ميرلو بونتي: النص ص 38

-تأطير النص:
يندرج هذا النص ضمن تصور فينومينولوجي لعلاقة الأنا بالغير، و هو مقتطف من كتاب ميرلو بونتي الموسم بعنوان: ”ظاهراتية الإدراك “ الصادر سنة 1945، و الذي يهتم بالتجربة لمعيشة و المعرفة قبل التأملية بما فيه من لبس و إبهام، و بما يحملانه من دلالة و معان سابقة على التأمل. ويطرح النص مشكل العلاقة بين الأنا و الغير، بالإحالة صراحة على مجزوءة الوضع البشري و بالتركيز على مفهوم التواصل.
-تعريف بصاحب  النص:
 موريس ميرلو بونتي(1908-1961 ): يعد ميرلو بونتي من أقطاب الفكر الفلسفي الفرنسي المعاصر، وهو عادة ما يدرج اسمه ضمن أعلام الفلسفة الوجودية الفرنسية إلى جانب جان بول سارتر بالخصوص، حيث كان رئيسا لتحرير مجلة الأزمنة الحديثة التي أسسها سارتر كلسان رسمي لتلك الفلسفة. وقد كتب فيها ميرلو بونتي معظم مقالاته الأساسية التي تحول بعضها إلى كتب شهيرة في الساحة الثقافية فرنسيا وعالميا، لكنه ما لبث أن استقال من تلك المهمة بعد خلاف إيديولوجي وسياسي مع سارتر. لقد حاول ميرلو بونتي بالفعل أن يجدد الفكر الوجودي انطلاقا من الفلسفة الفينومينولوجية خاصة من خلال أطروحات إدموند هوسرل وسيظهر تأثير هذا الأخير واضحا على فلسفة ميرلو بونتي خصوصا فيما يتعلق بالتركيز على بعد الإدراك الحسي في علاقة الإنسان بالعالم، ثم استفادته كذلك من مدارس علم النفس المعاصر مثل مدرسة الجشطلت والمدرسة السلوكية. إن هذا التنوع في مصادر تفكير بونتي أدى به إلى إنتاج عدد من الأطروحات الغنية بالمواقف والمعلومات الفلسفية التي طبعت كتبه ومصنفاته وتميزت بها محاضراته التي كان يلقيها في أعرق المؤسسات التعليمية الجامعية مثل السوربون وكوليج دو فرانس. كما لا يخفى تأثر بونتي بمجموعة من الأسماء التي طبعت الفكر الفلسفي الحديث المعاصر مثل هيجل و هيدجر و برغسون.                                                                                                  
من مؤلفاته: بنية السلوك(1942)،  فينومينولوجيا الإدراك(1945)، مديح الفلسفة(1953)،  مغامرات الديالكتيك(1955)- 
أفكار النص
- إذا انسحب كل من الأنا و الغير و قبع داخل طبيعته المفكرة، و جعلا نظرة بعضهما لبعض نظرة لا إنسانية، فإن كل منهما سينظر للآخر كموضوع قابل للتشييء.
- إن نظرة الأنا لا تلغي التواصل، و إنما تجعله معلقا، لكن ما أن ينطق بكلمة حتى يكف عن التعالي على الآخر، و يتحقق التواصل.
إشكال النص
هل ينبغي مد جسور التواصل مع الغير أم النظر إليه كموضوع قابل للتشييء؟
البنية المفاهيمية
- التواصل: الفعل الذي يخرج عبره كل وعي من ذاته و ينفتح على الأخر. وتتطلب العملية التواصلية طرفين على الأقل.
أطروحة النص:
يرى ميرلو بونتي أن الموقف الطبيعي الذي ينبغي أن يتخذ من الآخر المخالف للذات هو مد جسور التواصل معه وعدم اعتباره موضوعا قابلا للإقصاء وللتشييء.  ولكي يتم ذلك لابد أن يخرج كل منهما من طبيعته المفكرة، ويجعلا نظرتهما إلى بعضهما نظرة إنسانية أساسها القبول وتفهم أفعال بعضهما البعض.
البنية الحجاجية
توسل ميرلو بونتي بالأساليب الحجاجية التالية: 
- حجة المثال: " عندما تقع علي نظرة شخص مجهول فإني أشعر بأن أفعالي بدلا من أن تتقبل و تفهم..."
- حجة الاستثناء: " لا يعلو كل موجود معين على الآخرين بصورة نهائية إلا حين يبقى عاطلا و يتوطد في لاختلافه الطبيعي. "
- حجة التفسير: نظرة الآخر إلي لا تلغي التواصل و إنما تجعله معلقا."
 خلاصة
 يجب أن تقوم علاقة الأنا مع الغير على أساس فتح قنوات الحوار ومد جسور التواصل معه، وعدم اعتباره موضوعا قابلا للإقصاء والتهميش.
قيمة النص
تظهر قيمة هذا النص في رفضه لكل التيارات السيكولوجية المتطرفة التي اختزلت الإنسان في بعد أحادي ( الجانب المادي) في حين رأى ميرلو بنتي إمكان دراسة الإنسان في جانبه الروحي اعتمادا على منهج التحليل القصدي.
********************************************
خطاطة مفهوم الغير
تلخيص المواقف الفلسفية لكل محور




تعليقات