- لماذا اعتبر "صورا" و"أكرو" أن حياة البشر لا تناسبه، وأن البشر قساة ولا يعرفون الرحمة أبدا؟ هل يعني ذلك أن عيش ماوكلي مع الحيوانات أرحم له من عيشه مع البشر؟
- لماذا كان يذهب ماوكلي إلى قرية البشر من حين لآخر؟ ما الذي كان يبحث عن عندهم؟ أين تكمن حاجة الأنا إلى الغير
تقديم عام:
إن الإنسان من حيث هو شخص لا يعيش في عزلة، بل إنه موجود ليعيش مع الأغيار. إن التأمل في مشاعر الإنسان ومواقفه مثل المحبة، الصداقة، الكراهية، التسامح.... يدعونا إلى الانتباه إلى أهمية حضور الغير وإلى أن الوجود الإنساني لا يكتمل إلا باعتباره وجوداً علائقيا يفترض وجود ذوات إنسانية تتفاعل وتتواصل فيما بينها.
مفهوم الغير على مستوى الدلالة اللغوية:
يشير لفظ الغير إلى الأخر، إلا أن الآخر مفهوم عام يشمل الكائنات العاقلة والكائنات غير العاقلة أو الموضوعات. أما الغير كمفهوم خاص بالذات الإنسانية، وهو اسم مفرد لجمع أغيار ويعني الآخر من الناس. أما على مستوى الدلالة اللاتينية فلفظ L’autrui في اللسان الفرنسي يرجع في أصله اللاتيني إلى كلمة alter ego أي أنا ٱخر ويعني كما جاء في معجم روبير ” الغير هم الآخرون من الناس بوجه عام “.
أما من حيث الدلالة الفلسفية فيشير الغير كما جاء في معجم أندري لالاند A. Lalande “الغير هو أنا آخر، منظورا إليه ليس بوصفه موضوعا، بل بوصفه أنا آخر” أي ذات بشرية.
ثم جاء على لسان رائد الفلسفة الوجودية في فرنسا جون بول سارتر (1905-1980) " الغير هو الآخر، الأنا الذي ليس أنا"
من خلال هذا التعريف نستفيد أن مفهوم الغير يشير إلى الأنا الآخر الأنا الذي ليس أنا، إنه مطابق للذات ومختلف عنها. على ضوء هذه المفارقات يمكن أن نتساءل:
كيف يتحدد وجود الغير؟ وما طبيعة هذا الوجود؟ هل يمثل وجود الغير تهديدا أم شرطا ضروريا لوجود الأنا؟
إذا كانت معرفة الذات تتشكل من خلال وعيها بذاتها، فكيف يمكن معرفة ذات أخرى؟ هل معرفة الغير ممكنة أم مستحيلة؟
ما طبيعة العلاقة التي تربط الأنا بالغير؟ هل هي علاقة صداقة وتكامل أم علاقة غرابة وتنافر وصراع؟
**************************************
المحور الأول: وجود الغير
الإشكالية الفلسفية لوجود الغير:
-ما طبيعة وجود الغير؟ هل الغير ذات أم موضوع؟ بعبارة أخرى: كيف يتحدد وجود الغير بالنسبة للأنا؟ هل باعتباره ذاتا أم موضوعا؟
-هل وجود الغير ضروري لوعي الأنا بذاتها، أم أن الأنا تعي ذاتها في استقلال وعزلة عن الغير؟ بعبارة أخرى: هل الأنا تعي ذاتها عبر وساطة الغير أم في استقلال عن وجوده؟
-هل وجود الغير يهدد وجود الأنا في وعيها وحريتها؟
********************
موقف: "موريس ميرلوبونتي" النص ص.28
أفكار النص الأساسية:
-في البداية يثبت صاحب النص الصعوبة التي شكلتها مسألة وجود الغير.
-ثانيا، يستشهد صاحب النص بكلام "لاشوليي" حول إمكانية تحليل أحداث العالم بما فيها وجود الإنسان الموضوعي.
-يشير الفيلسوف إلى أن التوجه إلى الفرد بالدراسة والتحليل سيواجه وعيا خالصا ونسقا فكريا. وليس مواجهة المواضيع المادية كالتي ذكرها "لاشوليي".
-يشير الفيلسوف إلى أن الغير كجسد مثل جسد أنايا إنما هو أيضا موضوع يقابله وعي يفكر فيه.
-أجساد الناس ليست سوى آلات متحركة بواسطة نوابض، وبالتالي فدراستها وتحليلها لا يطرح صعوبة أو غموضا.
لكن الوعي الذي تخفيه هذه الأجساد هو الذي يتخذ الصفات الأكثر غموضا.
وبالتالي: فإن وعيي لن يجد وعيا يكشف عن سرائره الخاصة المجهولة من طرفي. هذا يعني أن وعي الغير يبقى مجهولا بالنسبة لي كأنا مفكرة واعية.
-يخلص صاحب النص إلى أن الوجود البشري وجودان اثنان: الأول هو وجود في ذاته أي الجسد، كالأشياء الأخرى الموجودة. والثاني هو وجود لذاته ونعني به الوعي، وهو خاص بالإنسان.
-يثبت صاحب النص أن الغير في نظرتي إليه: سيكون أمامي باعتباره وجود مزدوج، وجود في ذاته ووجود لذاته.
يؤكد صاحب النص على الصعوبة التي يطرحها علي وجود الغير: يتطلب مني معرفته كموضوع كباقي الأشياء وأيضا معرفته كوعي، أي بدون أجزاء.
إشكال النص :
كيف يتحدد الغير، هل بالنطر إليه كشيء مثل باقي الأشياء، أم كذات واعية كأنا آخر؟
أطروحة النص:
ينظر الفيلسوف الفرنسي” ميرلوبونتي” إلى وجود الغير كوجود مزدوج، فهو وجود
في ذاته (جسد مظهر) ووجود لذاته (ذات واعية)، ذلك أن الغير يتبدى للأنا
كمعطى امبريقي (وصفي) أي كشيء من الأشياء، بحيث ان أول ما يدرك في الغير هو
صورة جسده ومظهره أو شكله الخارجي، ومن ثم فهو مجرد موضوع من مواضيع
الطبيعة، لكن الغير ليس فقط موضوعا لإدراكي بل هو ذات واعية مقابلة لذاتي،
وعليه فالغير من حيث هو وجود امبريقي يكون موجودا في ذاته (جسد) ومن حيث هو
ذات واعية يكون موجودا لذاته.
البنية المفاهيمية: (تمرين: استخراج المعنى الفلسفي للمفاهيم من النص ومن خارجه إذا لزم الأمر)
الآخر: ............................................................................................................................................................................................
الغير:............................................................................................................................................................................................
الوعي:...........................................................................................................................................................................................
أمبريقية:.......................................................................................................................................................................................
البنية الحجاجية:
الإثبات: الوعي هو أكثر الصفات الخفية غموضا.
النفي: ينفي القدرة على إدراك وعي الآخر
التشبيه: تشبيه الأجساد بآلات متحركة...
التمييز: بين وجودين لا ثالث لهما.
****************************************
موقف جون بو ل"سارتر" النص ص 29 .
أفكار النص:
الفقرة الأولى:
-الخجل ضرب من الشعور خاص بالذات.
-الخجل إدراك لوجود الأنا
-الخجل مظهر من مظاهر وجود الأنا
-الخجل مرتبط بوجود شخص ما.
-تفيد هذه الأفكار معنى يشير إلى أن وجود الغير يسبب لي شعورا بالخجل، حيث أدرك أن أناي تخجل.
وبمعنى آخر وجود الغير سبب في إدراك وجود الأنا.
الفقرة الثانية:
-بوجود الغير صار ممكنا أن أصدر حكما على نفسي كما أصدره على موضوع ما.
-يمكنني أن أحس بالضيق والغضب إزاء الصورة التي يحملها الغير عني.
-تشير هاتان الفكرتان إلى أن وجود الغير يسبب لي خجلا من ذاتي وبالتالي فحريتي لم تعد كاملة كما كانت
الفقرة الثالثة:
-لولا الغير لما كان هناك خجل من الذات.
-هناك بنيتان غير منفصلتين كما سبق وهما:
-أنا في حاجة إلى الغير لأدرك وجود ذاتي
-وجود الغير يحد من حريتي.
إشكال النص:
هل الغير موجود؟ وما علاقة وجوده بوجود الأنا؟
أطروحة النص:
يرى" سارتر" بأن الغير موجود بشكل يؤثر في وجود الأنا، فمن جهة يوجد وجودا إيجابيا يمكنني من إثباتي لوجود ذاتي، ومن جهة ثانية، ووجودا سلبيا يحد من حرية هذه الذات، نظرا لأن الأنا تراعي وجود الغير في حركاتها وتأملها، ويقدم مثلا لذلك وهو الخجل الذي تشعر به الأنا في وجود الآخر.
يؤكد سارتر على ضرورة وجود الغير بالنسبة لوجود الذات أو الأنا،
وفي هذا الصدد يقول سارتر “الغير هو الوسيط الذي لا غنى عنه بيني وبين
نفسي” أي أن وجود الغير ضروري لوعي الذات بذاتها وإدراكها لحالاتها
الشعورية وتشكيل هويتها، فوجوده إيجابي وسلبي في نفس الوقت، فالغير الذي هو
وسيط لا غنى عنه بيني وبين نفسي باعتباره من يمكنني من الوعي بذاتي، هو
الغير نفسه الذي يحول بيني وبين نفسي ويهددني في وجودي.
فالغير ليس مجرد موضوع أو شيء بل هو ذات وأنا آخر شبيه
ومخالف لأناي. ومن ثمة فالعلاقة بيننا تقوم على السلب، وبذلك فالغير هو
مصدر تهديد لحريتي ويبلغ هذا التهديد حد التشييء والاستلاب. فكل من الأنا
والغير ينظر إلى الآخر كموضوع ويشيئه ويفرغه من مقومات الوعي والحرية
والإرادة، هذا ما يعنيه سارتر بعبارة “الجحيم هم الآخرون les autres c’est
l’enfer “
البنية المفاهيمية: (تمرين: البحث عن مدلول المفاهيم من النص ومن خارجه إذا لزم الأمر)
الغير: ............................................................................................................................................................................................ الخجل:......................................................................................................................................................................................... الشعور:........................................................................................................................................................................................ الإدراك:......................................................................................................................................................................................... شخص:...........................................................................................................................................................................................التأمل:.............................................................................................................................................................................................
الحجاج: (تمرين: إبراز وظيفة الحجاج الموظف في النص)
المثال: لننظر مثلا إلى الخجل... / وظيفته: ..................................................................................................................................
التأكيد: إنه شعور غير مباشر بالذات كخجل...من المؤكد أن خجلي... / وظيفته: ........................................................................................................................................................................................................
النفي: ليس...لا...بل.../ وظيفته: ...................................................................................................................................................
الوصف: ها أنذا أرفع رأسي فجأة، وكأن أحدا هناك رآني... /وظيفته: ................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................
________________________________________
تعاريف:
*الآخر: هو كل مايخالف الشيء ويتمايز عنه، جزئيا أو كليا، مكانيا أو زمانيا. Autre
*الغير: هو الأنا الذي ليس أنا إنه الشبيه والمختلف في نفس الوقت، جمعه أغيار. Autrui
*الأمبرقية أو الاختبارية: مذهب فلسفي يرى أن كل معرفة ومهما بلغت من التجريد، تصدر عن التجربة الحسية وحدها. وبتعبير آخر هي النزعة التي تجعل من التجربة الحسية منبع كل المعارف.
*********************************************************
موقف إدموند هوسرل ( النص ص 30 كتاب منار الفلسفة)
1 - تــأطـيـر الــنـص:
نص فلسفي معاصر مقتبس من كتاب " تأملات ديكارتية " يروم فيه الفيلسوف إلى إعادة تأسيس الكوجيتو الديكارتي و إخراجه من عزلته وفتحه على العالم وفق مفاهيم الفينومبنولوجيا كمفهوم القصدية الذي هو وعي بشيء ما كأن تعي بأنك ذات بعينها.
2- صــاحــب الــنــص:
إدموند هوسرل ( 1859- 1938) فيلسوف ألماني ولد بمقاطعة مورافيا، و قد تتلمذ في شبابه على برنتانو بمدينة قينا، و كان برنتانو خصما لذودا لكل نزعة مثالية. فتشبع هوسرل بالروح الواقعية، وقد اتجه اهتمامه نحو الدراسات الرياضية، وكانت رسالته في الدكتوراه عن "نظريات حساب المتغيرات" سنة 1883.ثم اشتغل بالتدريس كأستاذ للفلسفة بجامعة هال، وانتقل بعد ذلك إلى جامعة جوتنجن سنة 1906 حيث شغل كرسي الفلسفة بها لمدة عشر سنوات ليتوجه بعد ذلك إلى جامعة فريبورج إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1928. و كان هوسرل باحثا حرا آمن بالاستقلال الفكري و ضرورة احترام الآخر، فلم يشأ أن ينضوي تحت لواء النازية.بل ظل محتفظا بحريته الفكرية، حتى بعد سيطرة الفاشية النازية على الفكر الألماني.
هذا وقد ترك لنا هوسرل إنتاجا فلسفيا ضخما لعل أهمه: " فلسفة الحساب" سنة 1891، " مباحث منطقية " ظهر الجزء الأول منه سنة 1900، والجزء الثاني سنة 1901.ثم مقالته المشهورة " الفلسفة بوصفها علما دقيقا " سنة 1910. ثم كتابه الضخم " أفكار:مدخل إلى علم ظواهر خالص "،ثم مقالته المشهورة عن" الفينومينولوجيا " سنة 1927، ثم كتاب " ظواهر الوعي الباطن بالزمان " سنة 1928، ثم كتاب " المنطق الصوري و المنطق الرنسندنتالي " سنة 1929.ثم كتاب " التأملات الديكارتية " سنة 1931، و مقاله عن" أزمة العلوم الأوربية " سنة 1936. وأخيرا كتابه " التجربة والحكم "سنة 1939 والذي ظهر بعد وفاته بسنة.
3- إشكال النص:
كيف يمكن القول أن وجود الغير يتوفر على تجربته و تجربة العالم و تجربة الآخرين؟
4- مفاهيم النص:
-أنا Moi : حقيقة الانسان الثابثة و الحاملة لكل الحالات النفسية و الفكرية، كما يدل اللفظ على الجانب الواعي في شخصية الانسان.
-إدراك Perception : يدل اللفظ على معنيين :
- إدراك حسي: المعرفة المباشرة للأشياء بواسطة الحواس
- الوظيفة التي تسمح للفكر بتصور الأشياء وتمثلها
القصدية Intentionnalité : هو الوعي بشيء ما، أي أن تعي بأنك ذات بعينها. فمن شأن كل وعي ان يتجه نحو الموضوع، ا وان يستهدف شيئا. فالدراك الحسي هو إدراك لموضوع مدرك، والرغبة هي رغبة في شيء يكون موضوعا لها، والحكم هو حكم علة حالة قائمة من حالة الأشياء.
5- أطروحة النص:
وجود الغير في علاقته بالأنا وجود مزدوج، فهو يوجد في العالم كموضوع وكذات تدرك العالم من خلال تجربته و تجربة الآخرين.
6- أفكار النص:
- إدراك الآخر هو إدراك الذات في تجربتها مع العالم والآخرين واتباط الآخرين بأجسامهم
- اختلاف بين تجربتي العالم والآخرين لاستقلال كل واحد منهما بظواهر الخاصة التي تميزه
- خصوصية فعل الوجود وأصالته وارتباطه بالواقع الموضوعي للذات
7- حجاج النص:
- العرض: " أدرك الآخرين في سلسلة تجارب معينة..."
- التفسير: " فارتباط الآخرين بأجسامهم، باعتبارهم موضوعات..."
- الإثبات: " إن عالم التجربة موجود في ذاته خلافا لكل الذوات..."
- التساؤل: " فكيف السبيل لفهم هذا؟ "
8- خلاصة تركيبية:
إن عملية الادراك التي تتجه نحو الموضوع لادراك الآخر هي تجربة تختلف باختلاف تجارب الفرد واستقلال كل واحد منهما بظواهره الخاصة التي تميزه. وهذه الاستقلالية تضفي خصوصية خاصة لفعل الوجود بما يكتنزه من أصالة وتفرد.
9- قــيـمـة الــنــص
إن قيمة النص الهوسرلي " تأملات ديكارتية " هو تطبيقه للمنهج الفينومولوجي على الوعي او الشعور نفسه فلم يلبث الفيلسوف أن اصطنع ضربا من الشك الديكارتي راميا من وراء ذلك العودة إلى الذاتية وتعقل الموضوع المفكر فيه بمعنى أنني أفكر في موضوع في موضوع متعقل، أي أنه ينصب على موضوع متعقل يكون مثله كمثل واقعة الفكر نفسها.
******************************************
تعليقات
إرسال تعليق