القائمة الرئيسية

الصفحات

مجزوءة الإنسان: مفهوم الرغبة

 

مجزوءة الإنسان 

مفهوم الرغبة 

تقديم عام:

تشير كلمة الرغبة في اللغة العربية حسب ابن منظور إلى معانٍ منها؛ الحرص على الشيء، والطمع فيه، فنقول رغب فلان في الشيء بمعنى أراده، ورغب عن الشيء بمعنى رفضه وتركه. وفي معجم روبير، نجد "أبدي رغبة في شيء أي أني أريده" ، بمعنى أن الرغبة ميل لتحصيل شيء ما بغية تحقيق اللذة. وأما معنى الرغبة بمفهومها الفلسفي وحسب لالاند فهي ميل عفوي واعي نحو غاية معلومة أو في الخيال.

من خلال ما تقدم نلمس أن هناك تداخل بين مفاهيم، الرغبة، الحاجة، والإرادة، وأمام هذا الالتباس المحيط بمفهوم الرغبة، يمكن طرح الإشكالات التالية:

1)   ما الرغبة وما علاقتها بالحاجة ؟

2)   هل يمكن إخضاع الرغبة للإرادة ؟

3)   هل السعادة تتحقق بقهر اللذات البدنية أم بإشباعها؟

4)   هل يكون الإنسان سعيداً بدون رغبات؟


 المحور1: ما الرغبة ؟

تقديم

الدلالة اللغوية:

یقول الرازي في كتاب مختار الصحاح"رغب فیه: أراده، ورغب عنه: لم یرده، أما ابن منظور

في لسان العرب فیقول: رغبت إلى فلان في كذا وكذا: أي سألته إیاه.

الدلالة الفلسفیة:

جمیل صلیبا:  في معجمه الفلسفي: رغب في الشيء حرص علیه، وطمع فیه، ورغب الشيء وفیه أي أراده، ومنه الرغبة، وھي النزوع التلقائي الداعي إلى غایة معلومة أو متخیلة. وتحت كل رغبة نزعة، كما أن تحت كل إرادة رغبة. ومعنى ذلك أن الرغبات مبنیة على النزعات. والفرق بین الرغبة والنزعة، أن الرغبة أخص من النزعة وأكثر تعقیدا منھا. والرغبة بمعنى ما مرادفة للشوق، إلا أنھا أخف وطأة منه، لأن الرغبة نزوع إلى الشيء، والرغبة ضد الإرادة، لأن الإرادة تقتضي عدة شروط،

وھي: 1- تنسیق النزعات. 2- التفریق بین الذات المدركة والشيء المدرك. 3- الشعور بجدوى الفعل

وإنتاجیته. 4- التفكیر في الوسائل المؤدیة إلى تحقیق الغایات.

وجمیع ھذه الشروط غیر متوافرة في الرغبة. فالرغبة إذن وسط بین النزوع والإرادة.

وكل أثر من آثار الإنسان فھو یتولد من رغباته، حتى لقد قیل إن الإنسان باقة من الرغبات.

أما في معجم لالاند الفلسفي فنجده یعرف الرغبة بكونھا نزوع تلقائي وواع إلى غایة معروفة أو متخیلة، تقوم الرغبة، من جهة، على النزعة التي تكون حالة خاصة ومركبة من أحوالھا(أحوال النزعة) ومن جھة ثانیة، تتعارض الرغبة مع الإرادة.

إذا قارنا بین دلالة الرغبة في الدلالة اللغویة عند العرب وفي معاجمھم وفي المعاجم الفلسفیةنلاحظ أن الرغبة بشكل عام تفید طلب شيء غیر حاضر في نفس الآن، لكن إذا كانت الرغبة جزء من الذات الإنسانیة فإنه في المعجم اللغوي یلاحظ التأثر الكبیر بالتراث الیوناني الذي كان في بعده

السقراطي والأفلاطوني یدم الرغبة ویعتبرھا جزءا خارجا عن الطبیعة الإنسانیة ویجب قمعھا وتغلیب الفضیلة علیھا، وھو ما یحیلنا على التضارب الكبیر بین الفلاسفة في تصوراتھم في موضوع الرغبة، مما یستدعي منا ضرورة الفحص الفلسفي لھذه التصورات قصد التعرف على طریقة معالجتھا لموضوع الرغبة وطبیعتھا.

فما طبيعة الرغبة إذن؟ 

 الاشتغال على نص جون لوك ص 29

الأفكار الأساسية للنص:

-ینطلق جون في بدایة النص من تعریفھ للرغبة باعتبارھا توترا سیكولوجیا ینتج عن  الحرمان من موضوعات تحقق اللذة لدى الإنسان.

-ینتقل جون لوك لیؤكد على أن الإحساس بالتوتر یزید أو ینقص حسب أھمیة الموضوع المرغوب فیه من طرف الإنسان وأنه كلما كانت أھمیة الموضوع المرغوب فیه أدنى كلما تبددت رغبات الإنسان وتوقفت عن طلب الموضوع المرغوب.

-ینتھي جون لوك إلى أن الإحساس بالتوتر لدى الإنسان مرتبط بتمثلاته وتصوراته المسبقة حول الموضوع المرغوب فيه.

إشكال النص :

ما الرغبة حسب جون لوك ھل ھي مجرد توترات سیكولوجیة آنیة تتبدد فور إشباعھا أم أنھا تشكل

جوھر وماھیة الفعل الإنساني؟

الأطروحة التي یدافع عنھا النص:

یدافع جون لوك على تصور یربط الرغبة باللذة التي یحققھا الموضوع المرغوب فیه لدى الإنسان

وأن رغبة الإنسان في موضوع معین مرتبطة بتصوراته وآرائه حول الموضوع وعلى ھذا الأساس

فالرغبة توتر سیكولوجي مؤقت یتبدد بمجرد تحصیل الموضوع المرغوب فیه.

البنیة المفاھیمیة للنص:

الرغبة: یحیل اصطلاح الرغبة عند لوك على التوتر الذي یخلفه في أعماق الإنسان غیاب الموضوع المرغوب فیه.

المنفعة: أدنى مراتب الرغبة، إنھا مجرد أمنیات عند جون لوك.

یتضح من خلال البنیة المفاھیمیة للنص أن الرغبة عند جون لوك لیست جوھر الذات الإنسانیة بل ھي تعبیر عن توتر سیكولوجي سببه غیاب موضوع مرغوب فیه یحقق اللذة لذات.

البنیة الحجاجیة للنص:

أسلوب التعریف:"إن ما نسمیه الرغبة ھو ذلك التوتر الذي یحس به الإنسان في أعماقه حینما

یغیب عنه شيء ما كان من الممكن أن یمنحه اللذة..."

أسلوب التأكید: "إن الرغبة تخمد أو تتباطأ أیضا بناء على الرأي الذي یعتبر أن المنفعة المأمولة ..."

تحليل نص أفلاطون : الرغبة فطرية في الإنسان

الأفكار الاساسية :

·       هناك من الرغبات ما هو غير ضروري وهي رغبات فطرية في الإنسان لكن كبحها بالعقل و الحكمة قد يقضي عليها عند بعض الناس أو يخفف من حدتها عند البعض الآخر .

·       المقصود بالرغبات في التصور الأفلاطوني ، تلك الرغبات الغريزية و الحيوانية التي تشتد حدتها في غياب النفس العاقلة و قد تقترن هذه الرغبات بالنقص و الحاجة لذا فحضور العقل أمر ضروري للتحكم في الرغبات و تنظيمها .

-   إشكال النص :

·       ما طبيعة الرغبة في نظر أفلاطون ؟ هل هي شيء فطري أو مكتسب؟

·       هل للرغبات حد تقف عندها ؟

·       هل للعقل دور في التحكم في الرغبات ؟

·       ما علاقة الرغبة بالحاجة ؟

·       متى تشتد الرغبات عند أفلاطون ؟

-   أطروحة النص :

يؤكد أفلاطون على أن الرغبة دافع فطري يتجسد في الإنسان على شكل ملذات و شهوات حيوانية، مما يستدعي ذلك العقل للتحكم فيها لترقى إلى مستوى الرغبة الأفضل .

- الأساليب الحجاجية: اعتمد أفلاطون في تقديمه لأطروحته على مجموعة من الأساليب الحجاجية:

أ- أسلوب العرض:

* المؤشر اللغوي الدال عليه: [ إنه يوجد…]

* مضمونه: يعرض أفلاطون لأطروحته القائلة بأن الرغبة فطرية في الإنسان، وأن هناك رغبات غير ضرورية يجب تنظيمها عن طريق العقل.

ب- أسلوب الاستدراك:

* المؤشر اللغوي الدال عليه: [ غير أن … ]

* مضمونه: يستدرك أفلاطون قائلا بأن تنظيم الرغبات غير الضرورية بواسطة قوانين العقل، من شأنه أن يعمل على إزالتها أو التخفيف من حدتها.

ج- السؤال الاستفساري:

* المؤشر اللغوي الدال عليه: [ لكن عن أي الرغبات نتحدث؟ ]

* مضمونه: هنا يستفسر أفلاطون عن المقصود بالرغبات غير الضرورية التي تفتقر إلى كل تنظيم عقلي.

د- أسلوب التوضيح والتفسير:

* المؤشر اللغوي الدال عليه: [ إننا نتحدث عن… أي… ]

* مضمونه: يوضح لنا أفلاطون طبيعة تلك الرغبات غير الضرورية، ويقول لنا أنها تستيقظ أثناء النوم حينما ينام العقل، فتعبر عن طبيعتها الحيوانية المتوحشة وترتكب أفعالا تتنافى مع العقل والأخلاق.

ه- أسلوب المثال:

* المؤشر اللغوي الدال عليه: [ مثلما تتبدى… ]

* مضمونه: قدم لنا أفلاطون مثال الأحلام، لكي يبين لنا كيف أن الرغبات الحيوانية المتوحشة موجودة عند كل الناس، حتى العقلاء منهم. وهذا دليل على أن الرغبة فطرية في الإنسان.


موقف هيبوليت: النص ص 30.

نص إضافي: نص هيبوليت الذي يقدم شرحا لموقف هيغل: كيف يحقق سلب موضوع الرغبة وعي الذات بنفسها؟
أطروحة النص: يقدم النص تصورا جدليا (دياليكتيكيا) للرغبة، باعتبارها لحظة السلب الضروررية التي يمر منها الوعي في حركته من أجل وعي ذاته.
تحليل أطروحة النص:
يمكن صياغة مضمون النص وفق لحظات المنهج الجدلي الثلاث

الأطروحة: الرغبة هي رغبة الذات.


نقيض الأطروحة: ولكن الرغبة أيضا وأساسا رغبة “فيما سوى الذات”، في شيء آخر غير الذات: إنها خروج الذات من تطابقها مع ذاتها، اعتراف بوجود الموضوع خارج الذات وبعيدا عن متناولها.


التركيب: ولكن إشباع الرغبة يقتضي حتما تدمير الموضوع المرغوب فيه أي إلغاء وجوده المستقل عن الذات.


أمثلة: حصولي على الطعام الذي كنت أرغب فيه يعني أكله وإلغاءه وتمثله من طرف جسمي؛ حصولي على القميص الذي كنت أتأمله قبل قليل في واجهة متجر الألبسة، يعني انه أصبح “لي”، كان قبل قليل “ذلك القميص” والآن أصبح “قميصي”! وإلحاق “ياء” النسبة به يعني إلحاقه بي وتأكيد كينونتي وإلغاء وجوده المستقل.

المحور2: الرغبة والحاجة 

تمهيد:

يقوم الإنسان عادة بأنشطة يسعى من خلالها إلى تحقيق حاجاته الضرورية والحيوية مثل الأكل، التنفس، الشرب.. والهدف منها تحقيق النظام العضوي للفرد إذ تكسي هذه الحاجات طابع الضرورة الحيوية والهدف منها هو الإستمرارية.

إشكال المحور:

  • ما الفرق بين الرغبة والحاجة؟
  • هل الرغبة تجاوز للحاجة؟

موقف آلان جيرانفيل: النص ص 32

جيرانفيل: فيلسوف فرنسي معاصر، من مؤلفاته: لاكان والفلسفة.

الأفكار الأساسية:

  • يقارن جيرانفيل بين الرغبة والحاجة.
  • موضوع الحاجة خال من المعنى وذا سيمة ناقصة.
  • عدم إشباع الذات بحاجاتها يؤدي إلى الحرمان.
  • الحرمان هو الرغبة ذاتها.
  • الرغبة مطالبة ناتجة عن الحرمان.

إشكال النص:

  • هل الرغبة مطالبة ناتجة عن الحرمان؟ ما طبيعة العلاقة بين الرغبة والحاجة؟ هل الحاجة معطي بيولوجي خال من المعنى؟
  • هل غياب إشباع الذات يهدد كينونتها؟

 أطروحة نص جيرانفيل: ص32

يرى الان جرانفيل انه إذا كانت الحاجة معطى بيولوجي لا يحيل على اية قصدية او معنى فإن الرغبة هي تعبير عن الحرمان الذي يجعل الذات تطالب بموضوع الرغبة، إلا أن هذا الطلب الذي يخلق في العديد من الاحيان من طرف الذات بدلالات وتجليات معينة هو ما يعطي معنا لكينونة الانسان.

المفاهيم:.
-الحاجة: حسب صاحب النص تحيل الى معطى طبيعي بيولوجي كما انها تحيل على ما هو ضروري
-الحرمان: يحيل مفهوم الحرمان الى حالة سيكولوجية تعبر عن غياب موضوع معين يحقق للذات الراغبة اشباعا
-الرغبة: تعرف الرغبة كميل واعي ينقل الفرد نحو واقع يتمثله باعتباره منبعا ممكنا لاشباع الحاجات و اللذة.

الأساليب الحجاجية:

اعتمد الفيلسوف على أساليب منها:

  • التعريف: هي المطالبة.
  • المقارنة: حيث قارن بينهما.

استنتاج:

نستنتج من النص أن الحاجة معطى بيولوجي ضروري وتعبير عن وجود الحرمان أما الرغبة فهي الحرمان ذاته.

موقف جيل دولوز وفيليكس غاتاري: النص ص 34

 ينتقد جيل دولوز نظرية التحليل النفسي التي تجعل من الرغبة شيئاً ميتافيزيقياً وغير قابل للوعي، ويعتبر بأن الرغبة تتعلق بكل جوانب الحياة الإنسانية، وبأنها فعل ونشاط واعي، يعبر عن إرادة الإنسان الحرة.

يبدأ دولوز بتعريف الرغبة بأنها "قوة فاعلة" ، أي أنها قوة تدفع الإنسان إلى الفعل والتغيير. ويرفض تعريف الرغبة بأنها "نقص" أو "حرمان"، كما ترى نظرية التحليل النفسي. فالرغبة، بالنسبة لدولوز، ليست شعوراً بالحاجة إلى شيء ما، بل هي قوة إبداعية تدفع الإنسان إلى ابتكار وخلق أشياء جديدة.

ويؤكد دولوز على أن الرغبة هي "فعل واعي". فالرغبة ليست مجرد دافع غريزي، بل هي عملية تفكير واختيار. فالإنسان يرغب في شيء ما لأنه يعتقد أنه جيد أو مفيد أو صحيح.

ويربط دولوز الرغبة بالحرية. فالرغبة، بالنسبة له، هي تعبير عن إرادة الإنسان الحرة. فالإنسان الحر هو الإنسان الذي يرغب في ما يريد، ويفعل ما يريد.

وفيما يلي تفصيل لأفكار دولوز في هذا النص:

  • الرغبة هي قوة فاعلة. تدفع الرغبة الإنسان إلى الفعل والتغيير. فهي ليست شعوراً بالحاجة إلى شيء ما، بل هي قوة إبداعية تدفع الإنسان إلى ابتكار وخلق أشياء جديدة.
  • الرغبة هي فعل واعي. فالرغبة ليست مجرد دافع غريزي، بل هي عملية تفكير واختيار. فالإنسان يرغب في شيء ما لأنه يعتقد أنه جيد أو مفيد أو صحيح.
  • الرغبة هي تعبير عن الحرية. فالإنسان الحر هو الإنسان الذي يرغب فيما يريد، ويفعل ما يريد.

يمكن مناقشة أفكار دولوز من عدة زوايا. من ناحية، يمكن نقده على أنه يبالغ في أهمية الرغبة. فالرغبة ليست العامل الوحيد الذي يحدد سلوك الإنسان. هناك عوامل أخرى مهمة، مثل العقل والأخلاق والمجتمع.

من ناحية أخرى، يمكن الدفاع عن أفكار دولوز على أنها ضرورية لفهم الإنسان بشكل كامل. فالرغبة هي قوة أساسية في حياة الإنسان، وهي تلعب دوراً مهماً في تشكيل شخصيته وسلوكه.

ختاماً، يمكن القول أن موقف دولوز موقف مهم في مجال الفلسفة. فهو يقدم تحليلاً جديداً للرغبة، يتجاوز التحليل النفسي التقليدي.

المحور3: الرغبة والإرادة

 تقديم: 

ھل لدینا سلطة على رغباتنا؟ ھل كل ما نرغب فیه ھو ما تریده الذات -أي تریده بشكل حر دون تدخل للاشعور أو الحاجة (الحتمیة البیولوجیة- عن وعي كامل بالموضوع المرغوب فیه أم أن كل ما نرغب فیه لیس مصدره ھو الإرادة الحریة (الوعي) بل الحتمیة البیولوجیة (الحاجة مثلا) ؟

لكي نجیب عن ھذه الإشكالات الأساسیة لابد من التحدید اللغوي والفلسفي لمفھوم الإرادة كي نستوعب العلاقة بین مفھوم الرغبة والحاجة الذي تطرقنا إلیه سابقا.

يشير مفهوم الإرادة إلى طلب الشيء، أو شوق الفاعل إلى الفعل، إذا فعله كف الشوق وحصل المراد،  ویشترط في ھذا الشوق إلى الفعل أن یشغل الفاعل بالغرض الذي یرید بلوغه، وأن یتوقف عن النزوع إلیه توقفا مؤقتا، وأن یتصور الأسباب الداعیة إلیه، والأسباب الصادة عنه، وأن یدرك قیمة ھذه الأسباب، ویعتمد علیھا في عزمه، وأن ینفد الفعل في النھایة أو یكف عنه وھو نفس التعریف الذي وضعه لالاند في معجمه الفلسفي، فالإرادة بھذا المعنى العام ھي صورة الفاعلیة الشخصیة. ولھا عند الفلاسفة عد معان:

 1-الارادة ھي نزوع النفس ومیلھا إلى الفعل، فإذا قلنا ھذا الرجل قوي الإرادة، دلت الإرادة على اتصاف صاحبھا بنزوع واع متمكن من نفسه، وھو نزوع یدفعه إلى الفعل بالرغم من مقاومة النزعات الأخرى. أما الإرادة في علم الأخلاق ھي الإستعداد الخلقي، وھو إما أن یكون عاما،

تعني العزم الصادق، وإما أن یكون خاصا. فالإرادة الطیبة عند كانط مثلا فعل الخیر، و ھي استعداد الشخص للقیام بالفعل قدر طاقته، والإرادة السیئة ھي الإرادة المتوجھة إلى الشر، أو ھي على الأخص صفة رجل یحاول التملص من واجباته، فلا یقوم بھا إلا إذا كان مجبرا علیھا.

 2- أما في القرن الثامن عشر فنجد مصطلح الإرادة العامة وھي صفة رجل یدرك ، عند تجرده من الأھواء، ما یستطیع أن یطلبه من أبناء جنسه، وما  یحق لأبناء جنسه أن یطلبوه منه.

زحسب جمیل صلیبا هناك فرق بین الإرادة والاختیار، فالإرادة نزوع النفس ومیلھا إلى الفعل أما الاختیار فھو میل مع تفضیل لشيء على حساب آخر.

یتبین من خلال دلالة مفھوم الإرادة أنھا تعني الفعل الذي تقدم علیه الذات عن وعي تام وبكامل الحریة.

فما العلاقة بين الرغبة والإرادة؟ وهل يمكن إخضاع الرغبة للإرادة؟

الاشتغال على نص إبيكتيت ص 36

الأفكار الأساسیة

ینطلق إبیكتیت من التأكید على أن من یرید عدم الإحساس بالإحباط نتیجة عدم تحقیق رغباته ألا یرغب فيما یكون في ملك الغیر مثل أن یرغب الإنسان في الحیاة الدائمة وھي في ملك الآلھة.

ینتقل إبیكتیت لیبین أن سعي الإنسان وراء رغباته قد یسقطه في العبودیة من طرف الغیر  ولذلك على الإنسان أن یمتنع عن إرادة كل ما یرغب فیه.

ینتھي إبیكتیت إلى التأكید على أن الإنسان إذا أراد تحقیق السعادة فھو مطالب بألا یرغب في كل ما یریده وألا یرید كل ما یرغب فیه لأنه في ملك الآخرین .

إشكال النص:

كیف تتفاعل الرغبة والإرادة في الإنسان؟ وھل سعي الإنسان وطلبه لموضوع معین یكون محكوما بالرغبة أم الإرادة؟ وھل كل ما یرغب فیه الإنسان یریده؟  أم أن كل ما یریده الإنسان یرغب فیه؟بمعنى ھل مصدر السلوك الإنساني واتجاھه نحو موضوع معین ھو الرغبة أم الإرادة؟

أطروحة النص:

یرى إبیكتیت أن العلاقة بین الرغبة والإرادة محكومة بالقانون الطبیعي الذي ھو أساس كل ما یوجد في الكون فكلما رغب الإنسان أو أراد ما ھو في ملك الغیر شعر بالإحباط لذلك على الإنسان التصرف في المجال الذي یسیطر علیه.

البنیة المفاھیمیة للنص

الرغبة: ھي ما یجعل الإنسان یرید ما یملكه الغیر ویسقطه في العبودیة.

الإرادة: تحیل عند إبكتیت على القدرة التي تمكن الإنسان من تحقیق اكتفائه الذاتي دون حاجة للغیر.

الحریة: ھي التخلص من الحاجة إلى الغیر. 

البنیة الحجاجیة للنص

أسلوب الاستفھام: في قوله مثلا "ھل ترید ألا تكون محبطا في رغباتك؟

أسلوب الشرط: "إن السید الحقیقي بیننا ھو ذاك الذي یستطیع أن یمنحنا أو یحرمنا مما نرید أو

مما لا نرید..."

موقف شوبنھاور:

یؤكد شوبنھاور على أن أساس الرغبة ھو الحرمان والحاجة، فعدم إمكانیة إشباع جمیع الحاجات بالكامل ھو مصدر الرغبة وھو ما یجعلھا لانھائیة، فالإنسان حسب شوبنھاور غیر قادر على إشباع جمیع الرغبات بشكل نھائي لأن إشباع الرغبة یؤدي إلى ظھور رغبة أخرى، وھذا ھو جوھر الإرادة لدى الإنسان التي تتمیز بكونھا ما یجعله في سعي دائم وراء طلب موضوعات مرغوب فیھا .

موقف أفلاطون

یعالج أفلاطون العلاقة بین الرغبة والإرادة انطلاقا من تصوره لبنیة التضارب المحدد للنفس الإنسانیة،

فأفلاطون ینظر للرغبة انطلاقا من التضارب بین قوى النفس الثلاثة: النفس العاقلة، النفس الشھوانیة، النفش الغضبیة.

فإذا كانت الإرادة مصدرھا النفس العاقلة فإن الرغبة عند أفلاطون مصدرھا الجانب الغیر العاقل في النفس، وأن التوفیق بین الرغبة والإرادة عند أفلاطون ممكن عن طریق السمو بالنفس العاقلة من أجل تحقیق الانسجام لأن أفلاطون یؤكد على أن ھناك رغبات ضروریة ومشروعة ورغبات غیر ضروریة یجب استبعادھا. وفي ھذا الصدد یؤكد نیكولاس وایت قارئا أفلاطون:  "یرى أفلاطون أن كل شخص لدیه حیرة فیما یتعلق بتحدید احتیاجاته التي ینبغي إشباعھا. فالناس لا یریدون لرغبات معینة أن تشبع وبالتأكید لیس إلى درجة إقصاء رغبات أخرى. فالواقع أنھم یرغبون في ألا تشبع رغبات معینة لدیھم، أو یرون أنھا لا ینبغي إشباعھا. وھم على استعداد لأن یكبحوھا ". إن الأطباء یسمحون عموما لشخص ما بأن یشبع شھواته، بأن یأكل حینما یكون جوعان، على سبیل المثال، أو بأن یشرب حینما یكون عطشان، بقدر ما یحتاج من الطعام والشراب حینما یكون بصحة جیدة، ولكن حینما یكون مریضا ، فإنھم لا یسمحون له بأن یشبع ما یشتھیه..".

إن عمق ما یدافع عنه أفلاطون ھو أن الرغبة لا یمكن معالجتھا إلا في إطار الدولة والقوانین التي تحدد الرغبات الممكنة في إطار نظام المدینة/الدولة التربوي والأخلاقي وما لا یمكن الرغبة فیه.


المحور4: الرغبة والسعادة


أهم المفاهيم في محور الرغبة والسعادة:

السعادة: هي ذلك الشعور بالطمأنينة والأريحية والبهجة، وهذا الشعور السعيد يأتي نتيجة الإحساس الدائم بخيرية الحياة

إشكال المحور

هل إشباع الرغبات يؤدي إلى السعادة أم إلى الشقاء ؟

 

تحليل نص أبو نصر الفارابي:  ص 40

أبو نصر الفارابي هو أحد كبار الفلاسفة المسلمين من مؤلفاته: أراء أهل المدينة الفاضلة

إشكال النص:

-ما هي أنواع اللذات عند الفارابي ؟

-هل تعتبر اللذات الحسية عائق أمام تحصيل السعادة ؟

-ما الطريق المناسب لتحصيل السعادة ؟

-هل اللذة العقلية هي السبيل الوحيد للحصول إلى السعادة ؟

أطروحة النص:

يربط أبو نصر الفارابي السعادة بتحقيق الرغبات ويوضح أن هناك ذات حسية أخرى عقلية متعلقة بالسبيل لتحصيل السعادة بينما الحسية فهي المسؤولة عن نيل السعادة ومقاربة الأخلاق الحميدة

عناصر الأطروحة

يميز صاحب النص بين اللذة الحسية واللذات العقلية

اللذة الحسية ليست غاية للفعل / اللذة الحسية هي العائق أمام تحصيل السعادة/ اللذات العقلية تنمو بالإنسان إلى مرتبة أرقى وتجعله يقارب الأخلاق المحمودة التي تمهده إلى طريق السعادة/ غاية كل فرد هي تحقيق اللذة

البنية الحجاجية

لكي يتبث الفيلسوف أبو نصر الفارابي أطروحته مستعملا أسلوب التأكيد وإنتقل إلى المثال وموضفا أسلوب المقارنة

أسلوب التأكيد: أن 

أسلوب المثال: مثل اللذات التابعة للرأس

أسلوب المقارنة: بين الذات حسية وأخرى عقلية

 

تحليل نص أبيقور: الرغبة والسعادة

فيلسوف يوناني، عاش في زمن فقدت فيه المدن اليونانية إستقلالها وقد أسس مدرسة وتوجها فكريا

 

إشكال النص:

ما المفيد للإنسان ؟ هل تحقيق الرغبات الطبيعية أم الرغبات التافهة ؟

كيف تساهم اللذة الطبيعية في إكتمال السعادة ؟

هل اللذة بداية الحياة السعيدة أو نهايتها ؟

أطروحة النص:

يميز أبيقور بين الرغبات حيث منها النافعة والطبيعية وهذه الأخيرة تنقسم أيضا إلى طبيعي وضروري  وينتج عنها السعادة. ويرى أن اللذة هي بداية الحياة السعيدة وتكون في غياب الألم

عناصر الأطروحة

تقسيم الفيلسوف الرغبة إلى رغبات طبيعية وأخرى تافهة /الرغبات الطبيعية هي تحقق هدوء الروح وقمة السعادة وراحة الجسد / تجنب الألم يحقق اللذة وهي بداية الحياة السعيدة/ اللذة هي بالضبط الخير الأول المقترن بطبيعتنا/ ليست كل لذة خير يجب القدوم عليه وليس كل ألم شر يجب تجنبه.

البنية الحجاجية

لكي يضفي صاحب النص على نصه طابعا حجاجيا متماسكا وضف أسلوب التأكيد ثم إنتقل إلى التقسيم موظفا أسلوب التعريف وكذا أسلوبين النفي والإستثناء

التأكيد: إن إلقاء نظرة وجيزة

النفي: لا ينبغي البحث عن أي لذة

الاستثناء: إلا عندما تتألم من جراء غيابهم

التقسيم: قسم بين الرغبات الطبيعية والتافهة

التعريف: الرغبات الطبيعية هي تحقق هدوء

 خلاصة تركيبية: 

يتبين من خلال تحليلنا لمفهوم الرغبة أنه م بين المفاهيم الفلسفية التي استأثرت باهتمام الفلاسفة عبر التاريخ. وقد أفرزت عدة إشكالات مرتبطة أساسا بمفاهيم الحاجة والإرادة والسعادة  مما جعل الآراء الفلسفية تتعدد وتتباين في معالجة مختلف الإشكالات المرتبطة بهذا المفهوم وتداخلاته مع المفاهيم الأخرى التي ارتبطت به.

******************

 

 

تعليقات