مجزوءة الفاعلية والإبداع
تقديم عام:
يمثل الإنسان ككائن حي جزءً من الطبيعة، وهذا ما أملى عليه ضرورة استغلال الطبيعة بكل ما أوتي من ذكاء وقوة، حيث استعمل في البداية اليد التي يقال عنها الأداة الأولى. وبعدما اكتشف أن يده لا تسعفه بشكل أمثل في استغلال الطبيعة، ابتكر الأداة كامتداد لليد. فحافظ قرونا على هذه الرابطة بين اليد والأداة، لكن بمرور الزمن بدأ الإنسان يدرك قصور اليد والأداة معا في استغلال الطبيعة، ونتيجة للبحث المستمر عن الأفضل اكتشف الآلة التي شكلت ثورة مع اليد الإنسانية بعدما أصبحت حركتها حركة ذاتية مستقلة.
وبالتالي استطاع الإنسان تجاوز محدودية جسده عندما طور تقنيته وبدأ يستخدم الأدوات والآلات، وأبدع مختلف أشكال التكنولوجيا. فامتدت فاعلية جسده وفكره إلى اللامتناهي في الصغر (النانو)، واللامتناهي في الكبر(الكون).
رأينا من خلال مجزوءة الإنسان أنه كائن واع وراغب واجتماعي بطبعه، وهو أيضا كائن فاعل ومبدع. تتجلى فاعليته الإبداعية على مستوى الطبيعة من خلال سعيه الدائم إلى رسم ذاتيته عليها، والعمل على تغييرها للاستفادة من طاقاتها من خلال ما يخترعه من آلات تقنية.
كما تتجلى هذه الفاعلية من خلال الشغل الذي يعتبر خاصية إنسانية، وفاعلية تدخل الإنسان والطبيعة في علاقة منتجة لقيم نافعة.
وتتجلى أيضا فاعلية الإنسان في إبداعه لمختلف الأعمال الفنية التي يسعى من خلالها إلى إبداع عوالم رمزية جديدة؛ كعالم الشعر والمسرح والرواية وغير ذلك.
هكذا فالإنسان يسعى من خلال كل هذه الأشكال الإبداعية إلى تجاوز حالات النقص التي تميز وجوده، كما يسعى من خلال ذلك إلى إبراز قدراته وتأكيد ذاته سواء في علاقته بذاته وبالطبيعة أو بالآخرين.
- فهل الهدف من الفاعلية والإبداع استغلال الطبيعة وتطوير حياة الإنسان؟
- ما طبيعة العلاقة بين التقنية والعلم؟
- ما انعكاسات التقنية على حياة الإنسان؟
- هل ساهم الشغل في تطوير حياة الإنسان؟
- ما التبادل وما أنواعه؟
- ما الفن وما أشكاله؟
************************
أولا: مفهوم التقنية والعلم
تقديم:
إن ما يميز حياة الإنسان المعاصر هو الاعتماد الكبير على الآلات والمعدات التقنية التي يستخدمها باستمرار، والتي أصبحت تشكل جزءا من وجوده. وقد ارتبطت التقنية دائما بالمعرفة العلمية؛ فليس هناك من العلماء من يقوم بالبحث العلمي بشكل خالص ومجرد عن المنفعة، فالأمر يتعلق في أغلب الأحيان ببحث تطبيقي في مجالات متعددة. ومن جهة أخرى يقتضي العلم الاعتماد على آلات وتقنيات جديدة، لذلك فقد ساهم التطور التقني والتكنولوجي في تقدم وتطور العلوم.
فما طبيعة العلاقة التي تجمع التقنية بالعلم؟ وهل تمكن الإنسان بفضل التقنية من السيطرة على الطبيعة؟ وما هي إيجابيات وسلبيات التقدم التقني؟
المحور1: التقنية والعلم
مفاهيم أساسية:
مفهوم التقنية: من الناحية الاشتقاقية يرجع مصطلح التقنية إلى اللفظ الإغريقي Techné والذي يعني الصنع والإنتاج والنشاط الفعال.
تدل التقنية على المهارة والإتقان والتفنن في إنجاز عمل ما، أو صنع شيء ما، نقول مثلا: لاعب له تقنيات عالية، أي مهارات عالية... كما تعني التقنية مجموع الإجراءات المستعملة قصد إنتاج شيء ما أو الحصول على نتيجة محددة. مثلا: تقنيات المسرح، تقنيات السينما، تقنيات فنون الحرب...
كما تدل على مجموع الإجراءات والخطوات المنهجية المؤسَّسَة على معرفة علمية والمستعملة في الإنتاج.
وفي معجمه الفلسفي يقدم أندري لالاند التعريف التالي للتقنية: "مجموعة من العمليات والإجراءات المحددة تحديدا دقيقا، والقابلة للنقل والتحويل والرامية إلى تحقيق بعض النتائج التي تعتبر نافعة".
مفهوم التكنولوجيا: مجموع التقنيات والإجراءات التي تمكن من صنع منتوج معين بالاعتماد على تطبيق المعرفة العلمية على مهام عملية (مثلا: تكنولوجيا الفضاء). ويدل كذلك هذا المفهوم على مبحث علمي يهتم بالتفكير في التقنيات.
تأطير إشكالي:
- هل التقنية مجرد تطبيق للعلم أم أنها مستقلة بشكل كامل عنه؟
-هل العلم هو الجزء النظري للتقنية، وهذه الأخيرة هي الجزء العملي والتطبيقي للعلم؟
-هل العلم يُبنى على التقنية أم أن التقنية تُبنى على العلم؟
- هل التقنية سابقة على العلم أم أنها لاحقة عليه؟
- هل التقنية والعلم أمران مستقلان من حيث طبيعتهما؟
******************************
تحليل نص
أفلاطون: أسطورة بروميثيوس
إشكال النص:
ماهي علاقة العلم بالتقنية؟ وما التطور الذي عرفته هذه العلاقة على امتداد التاريخ؟
أطروحة النص:
يتطرق هوتوا إلى تاريخ العلاقة بين العلم والتقنية والمسار الإشكالي الذي مرت به هذه العلاقة، ويحدد
محطتين أساسيتين في هذا السياق:
- المرحلة الفلسفية اليونانية: حيث عرفت تمييزا وفصلا واضحا بين العلم والتقنية، أو بين المعرفة العلمية والمعرفة العملية والتقنية، مع الإعلاء من قيمة العلم والمعرفة العلمية.
- المرحلة الفلسفية الحديثة: حيث شهدت بداية ترابط وتلاحم بين العلم والتقنية لسببين رئيسيين: انتشار الاختراعات، والطفرة التي شهدها الابتكار في المجال التقني · التحول الذي حدث في العلم: حيث هيمنت عليه العلية والارتباط بالظواهر المحسوسة والقابلة للملاحظة والقياس.
ورغم هذا التلاحم بين العلم والتقنية على حدود عصرنا الحالي، إلا أنه مازال هناك تيار يؤمن بضرورة الفصل
بين العلم والتقنية حفاظا على حياد العلم واستقلاله وبراءاته خصوصا بعد بروز المشاكل والسلبيات التي
أفرزتها هيمنة التقني.
البنية المفاهيمية:
التقنية:
في المعجم الغربي :" كلمة مشتقة من Technikos و هي ذات أصل يوناني معناها الفن و الصناعة .
و Techné بالمعنى اللفظي تعني عمل يدوي ،أو
مهارة في صناعة ما " .
و يعرفها لالاند بأنها : "مجموعة من السلوكات (الفنية ،و العلمية و الصناعية) . المحددة بالتدقيق المنقولة
والسائرة كذلك إلى تقديم العديد من النتائج المضبوطة والمستعملة. إنها البنية التحتية والتي يرتكز عليها
العلم
الفيزيائي دوما وعلى مر القرون ..."
أما ديدي جوليا Julia Didier في معجمها الفلسفي فتعرفها: بأنها" كل صناعة لأشياء و قد تكون حرفية
_(صناعة يدوية)أو صناعية (صناعة بآلة أو بعدة آلات) ،إنها كذلك جملة من المبادئ أو الوسائل التي تعين
على إنجاز شيء أو تحقيق غاية"
العلية
: في الفلسفة :هي العالقة التي تربط بين السبب و نتيجته.
علم science يعرفه لالاند
بأنه:
مهارة تقنية، لا سيما في مادة الرسم، الموسيقى، نظم الشعر ( : معرفة المهنة أو الصنعة
مجموعة معارف أو أبحاث على درجة كافية من الوحدة و العمومية ، و من شأنها أن تقود البشر الذين
يتكرسون لها إلى استنتاجات متناسقة لا تنجم عن مواضعات ارتجالية و لا عن أذواق أو اهتمامات فردية
تكون مشتركة بينها، بل تنجم عن علاقات موضوعية نكتشفها بالتدرج ونؤكدها بمناهج تَحَقُّقٍ محددة.
البنية الحجاجية: (استخراج الأساليب الحجاجية الموظفة في النص مع بيان وظيفتها).
***********************
نص جاك إيلول ص 69 (المنظومة التقنية)
إشكال النص:
ما التقنية؟ وما هي خصائص النسقية التقنية؟
أطروحة النص:
إن التقنية باعتبارها مجموعة من الوسائل الفعالة، فإنها تشكل بيئة إضافية للإنسان مليئة بالآلات عوضت بيئته الطبيعية. لكنها ليست مجرد ذلك بالنسبة للإنسان، بل هي نسق ومنظومة قائمة بذاتها لها تتميز بأربع خصائص:
- الاستقلال الذاتي: ذلك أن التقنيات لا تخضع لعوامل خارجية كالأخلاق والفلسفة والدين...بل إنها نتاج الضرورة التقنية ذاتها.
- الكونية: ذلك أن الكونية التقنية هي أشمل من الكونية العلمية، تتسارع بفعل الانتشار الهائل للتقنيات.
- التطور العلي: تطور المنظومة التقنية لا يخضع لغايات بل للضرورات الداخلية للتقنية ذاتها. فالصعود إلى القمر مثلا ليس استجابة لتطلع أو مطمح أو غاية إنسانية، بل إنه شيء أصبح ممكنا بفضل تطور وتوفر التقنيات الملائمة.
- الميلُ إلى التسارع: توسيعا لدائرة النتائج بالنظر لحاجيات الإنسان المتجددة والمتسارعة وبالنظر للتنافسية على المستوى المحلي والعالمي.
المحور2: التقنية والطبيعة
إشكال المحور: التقنية وسيط بين الإنسان والطبيعة، فبأي معنى
تبسط التقنية سلطتها على الطبيعة؟ هل لتسخيرها لصالح الإنسان أم للسيادة والسيطرة
عليها؟
مدخل إشكالي:
يربتط وجود الإنسان بقدرته على تحويل الطبيعة، وتطوير حضوره
فيها وتعزيزه، وذلك بفضل التقنية والعلم، بحيث استطاع الإنسان أن يرسم لنفسه مسارا
تصاعديا، لم يشهد أي شكل من أشكال التراجع ، وحوّل ما كان يعتبر مستحيلا إلى ممكن،
استطاع غزو الفضاء، وتمكن من التحكم في الجينات.
وقد عرفت التقنية منذ بداية العصر الحديث تقدما هائلا، وانتشرت
انتشارا واسعا في كل أرجاء الكون، مما جعلها تحدث الكثير من الأضرار، سواء على
مستوى المجال الطبيعي أو على مستوى المجال الأخلاقي والثقافي للإنسان.
فكيف تتحدد علاقة التقنية بالطبيعة؟ وبأي معنى تبسط التقنية
سيطرتها على الطبيعة؟
تحليل نص ديكارت: السيطرة على الطبيعة العلم والسيادة على الطبيعة
ص 71
تعريف رونيه ديكارت:
رونيه ديكارت فيلسوف ورياضي فرنسي، من فلاسفة الحقبة الحديثة
من تاريخ الفلسفة، عاش بين سنتي 1596 و1650م، أي خلال القرن 17م. ويلقب ديكارت بأب
الفلسفة الحديثة، كما يعد واحدا من ابرز رواد المذهب العقلاني، الذي يعتبر العقل
أساس بناء المعرفة، والذي يعتبر العقل بمثابة نور فطري.
بعض مؤلفات رونيه ديكارت:
- مقال في المنهج
- تأملات ميتافيزيقية
- مبادئ الفلسفة
1– إشكال
النص
ما هي نتائج علم الطبيعة على الوجودين الطبيعي و الإنساني ؟ و
كيف يجعلنا العلم سادة و مالكين للطبيعة؟
2- أطروحة
النص
– إن موقف
ديكارت من الفلسفة التأملية النظرية هو موقف تجاوز و قطيعة و رفض، لأنها في نظره
فلسفة عقيمة وجوفاء، و لا تنتج عنها أية منافع ملموسة على المستوى العملي
– لقد كان
لازما على ديكارت الإفصاح عن مبادئ العلم الطبيعي، لأنه اختبر نجاعتها على مستوى
حل العديد من المعضلات، و تبين له أنها تؤدي إلى تحقيق منافع كثيرة للناس، و هو ما
يجعلها تختلف عن المبادئ التي ترتكز عليها الفلسفة السكولائية التي كانت سائدة في
القرون الوسطى
– إن
الفلسفة العملية المرتبطة بالعلم الطبيعي تمكننا من فهم و معرفة القوانين التي
تتحكم في الظواهر، وهي خطوة أساسية للسيطرة عليها و تحويلها إلى منتوجات صناعية
وثقافية يستفيد منها الإنسان
← هكذا تكمن أطروحة ديكارت في القول بأن العلم الطبيعية يمكننا
من معرفة القوانين التي تخضع لها الظواهر الطبيعية، و هو الأمر الذي يجعل الإنسان
يحول الطبيعة لخدمته فيصبح مالكا لها و سيدا عليها
3- مفاهيم
النص
* الفلسفة
العملية / علم الطبيعة: أية
علاقة ؟
علم الطبيعة يضع المبادئ النظرية والقوانين التي تحكم الظواهر
الطبيعية، أما الفلسفة العملية فهي التطبيق الواقعي و الترجمة الفعلية لتلك
المبادئ، عن طريق تحويل الطبيعة و تسخيرها لخدمة مصالح الإنسان.
* معرفة القوانين والسيطرة على الطبيعة: أية علاقة ؟
إن معرفة القوانين التي تخضع لها الظواهر الطبيعية تؤدي إلى
معرفة مكوناتها والعلاقات القائمة بينها، وهو الأمر الذي يسمح باستغلالها
واستخدامها لتحقيق أغراض ومصالح الإنسان. هكذا تمكن هذه المعرفة الإنسان من أن
يصبح سيدا على الطبيعة ومالكا لها
4- حجاج
النص
استخدم صاحب النص مجموعة من الآليات الحجاجية من أجل الدفاع عن
أطروحته
أ- آلية الدحض:
* المؤشرات
اللغوية الدالة عليه
– … و مبلغ
اختلافها عن المبادئ التي استخدمت إلى الآن…
– … و أنه
يمكننا أن نجد بدلا من هذه الفلسفة النظرية … فلسفة عملية…
: مضمونه
يدحض ديكارت الفلسفة التأملية النظرية التي كانت سائدة في
القرون السابقة، لأنها فلسفة عقيمة، و غير اختبارية، و غير مفيدة، و لا تؤدي إلى
السيطرة على الطبيعة
ب- حجة المنفعة: * المؤشرات اللغوية الدالة عليها
– … وأنا
أبدأ باختبارها في مختلف المعضلات الجزئية…
-… لأن هذه
المبادىء أبانت لي أنه يمكننا الوصول إلى معارف عظيمة النفع في الحياة…
-… اختراع
عدد لا نهاية له من الصنائع التي تجعل المرء يتمتع من دون أي جهد بثمرات الأرض…
الغرض الرئيسي منه أيضا حفظ الصحة…
* مضمونه
دافع ديكارت عن علم الطبيعة، وعن الفلسفة العملية المرتبطة به،
لأنهما أثبتا فائدتهما على مستوى الواقع الفعلي، وحققا للإنسان عدة منافع؛ كاختراع
التقنيات، والتمتع بخيرات الأرض، وتوفير أسباب الراحة، وحفظ الصحة
ج- آلية المثال
لتبيان فائدة العلم الطبيعي، اعتمد صاحب النص على إعطاء مجموعة
من الأمثلة من الظواهر الطبيعية : النار، الماء، الهواء، الكواكب، السموات … و
الغرض من ذلك هو توضيح أن معرفة مكوناتها و القوانين المتحكمة فيها، يؤدي إلى
السيطرة عليها و تسخيرها لخدمة مصالح الإنسان.
******************************************
التقنية استثارة للطبيعة مارتن هايدغر النص ص 73
مارتن هايدغر:
مارتن هايدغر : : Martin Heidegger) (26 سبتمبر 1889 - 26 مايو 1976) فيلسُوف ألماني،
ولد جنوب ألمانيا، درس في جامعة فرايبورغ تحت إشراف إدموند هوسرل مؤسس الظاهريات ، ثم أصبح
أستاذا فيها عام 1928.
وجه اهتمامه الفلسفي إلى مشكلات الوجود والتقنية والحرية والحقيقة وغيرها من المسائل. ومن أبرز
مؤلفاته : الوجود والزمان (1927) ؛ دروب مُوصَدة (1950) ؛ما الذي يُسَمَّى فكرا (1954) ؛ المفاهيم
الأساسية في الميتافيزيقا
(1961) ؛ نداء الحقيقة؛ في ماهية الحرية الإنسانية (1982) ؛ نيتشه (1983).
إشكال النص:
أين تكمن ماهية التقنية؟
أطروحة النص:
التقنية المعاصرة أصبحت
مُساءلة للطبيعة، ويعني ذلك بأنها أصبحت مهتمة باستخراج الطاقات المخفية في
الطبيعة، حيث تكون هذه
المساءلة بنوع من الاستثارة ) أي استفزاز الطبيعة لكي تكشف لنا عن مكنوناتها
وطاقاتها المخفية بنوع
من التحريض والقسر
( .
البنية المفاهيمية:
التقنية – الطبيعة –
التحريض – التحويل – الكشف
البنية الحجاجية:
المقابلة:
الحجة بالمثال:
**************************************
المحور3: تطور التقنية سلبياته وإيجابياته
إشكال المحور: كيف نتمثل انعكاسات تطور التقنية على وضعية الإنسان؟ أهي سلبية أم إيجابية؟
تأطير إشكالي:
تتبدى فاعلية الإنسان وإبداعيته، ككائن مفكر فيما أنتجه من وسائل تسهل عليه ظروف عيشه، والتقنية لا
تخرج عن هذا السياق باعتبارها امتدادا لفكر الإنسان وتعبيرا عن الفاعلية المعرفية لديه، غير أن التقنية في
الوقت الذي قدمت فيه خدمات متميزة للإنسان ومكنته من تجاوز مجموعة من التحديات ومن بينها
السيطرة على الطبيعة، فإنها جعلته أسيرا لها ومستعبدا من طرفها، وهو ما يجعلنا في مواجهة مع مجموعة من الإٌشكالات التي يمكن صياغتها كالتالي:
-ماهي نتائج تطور التقنية وانعكاساتها على الإنسان؟ هل هذه النتائج في خدمة الإنسان أم أنها أصبحت
مهددة لوجوده؟ هل تمثل التقنية شرا بالنسبة للإسنان أم خيرا له؟ إذا كانت التقنية كوسيلة اهتدا إليها
الإنسان من أجل السيطرة على الطبيعة، ألا يمكن القول أن الإنسان هو من أصبح خاضعا لسيطرة التقنية
ولتطوراتها؟
***************************************************
تحليل نص إيفان إيليتش: التقنية والأزمة الكونية / كتاب: مباهج الفلسفة ص 75
أطروحة إيليتش:
ينطلق إيفان إيليتش من إبراز نقد المشروع الحديث لاستخدام التقنية والذي كان قد بشَّر بإحلال الآلة محل
الإنسان، وجعل الانسان سيدا لا عبدا للتقنية
والطبيعة.
لكن ذلك التوجه الحديث أحدث أزمة حقيقية لم تتكشف بشكل جلي إلا في الحقبة المعاصرة: حيث تبين أن
الآلة هي التي أصبحت تستعبد الانسان وتتحكم فيه وليس العكس. وأصبح الانسان رهين ما صنعه بيده وغير
قادر على الانفكاك مما خلقه بمحض إرادته وبسلطان عقله. وكحل لهذه الأزمة العميقة التي تكشفت خيوطها
و تشابكت أذرعها يقترح
إيفان إيلتش ما يلي:
- ضرورة قلب البنية العميقة
التي تحكم علاقة الانسان بالتقنية
- قصر
التقنية على توليد الكفايات و انتاج القدرات دون المس بالاستقلال الشخصي للإنسان
- ضرورة
جعل الالة تعمل بمعية الانسان و ليس بدلا عنه و في غيابه
- خلق
تقنية تفتح الخيال و الابداع و ليس تقنية تبرمج الانسان و تستبعده.
يستحضر إيفان إيليتش في نصه هذا، الأزمة العميقة التي أحدثها التقنية في الحقبة المعاصرة، والنتائج
المأساوية التي تسببت فيها من الحروب الكبرى التي ذهب ضحيتها الملايين... والكوارث النووية مثل
تشرنوبيل، إلى الاستنساخ الوراثي والتلاعب بالجينات البشرية، ومن القنابل النووية الى الكوارث الاجتماعية
من بطالة وفقر و مجاعات ... كل ذلك حوَّل التقنية إلى خطر داهم يمكن أن يبيد الانسان، لذلك تعالت
صيحات لإنذار لاستعادة زمام التحكم في التحكم البشري كما قال ميشيل سير و كما قال إيفان إيليتش :عن الانسان ليس في حاجة الى "تكنولوجيا تستعبده و تبرمجه".
**************************************
تعليقات
إرسال تعليق